الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

تنزيل (4).jpg
حجم الخط

بقلم د ناجي شراب

تساؤلات كثيره تطرحها مقاربة الأمم المتحده والاعتراف بالدولة الفلسطينية، دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال. وهل يمكن قبول دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال؟ وما هي الأسس والمعايير التي يتضمنها طلب العضوية؟ وهل من بديل للفيتو الأمريكي وكيفية التغلب عليه؟ وماذا يعنى الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال؟ الأساس في العضوية أن تكون الدولة مستقلة، وهذا الشرط غير قائم لفلسطين، وهنا تبرز المسؤولية الدولية في إنهاء الاحتلال لإكتمال شرط العضوية. لكننا هنا أمام أنموذج خاص وإستثنائي في قبول الدول الأعضاء لا ينطبق على عضوية فلسطين، فالأصل أن هناك قرار دولي (رقم 181 لعام 1948) هو قرار التقسيم، الذى بموجبه قبلت إسرائيل دولة في الأمم المتحدة، بل اشترط قبولها بحل مشكلة اللاجئين وبقيام الدولة العربية على مساحة حوالي 44 في المائة من ارض فلسطين التاريخية. قد يقول قائل ان هناك رفضا عربيا لهذا القرار ـ والواقع لم يكن رفضا مطلقا، بل إقتراح بدولة واحدة للجميع، ومن ناحية أخرى فان قرارات الشرعية الدولية لا تسقط بالتقادم ، فهذا القرار ما زالت له قوته الشرعيه ويشكل مرجعية دولية قوية لقبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحده. ومن ناحية أخرى فان كل الأراضى التي ضمتها إسرائيل لما هو مقرر لها في القرار الأممى بمساحة 55 في المائة، جاء نتيجة خيار حرب 1948 وحرب 1967 وهو ما يعني ان الضم غير شرعي وغير معترف به، لأن الأصل أن إسرئيل قبلت على حدود القرار المذكور.


هذه المعطيات تشكل عناصر قوة للطلب الفلسطينى وتحول فلسطين من دولة مراقب لا حقوق لها إلى دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال بحقوق كاملة. والسؤال ثانية، ماذا يعني هذا الاعتراف، ولماذا وكيف ومتى يتحقق ويصبح ملزما رغم الفيتو الأمريكى؟


إبتداء بأهمية الإعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة العضوية تحت الاحتلال كأحد أهم مقاربات الشرعية الدولية، والتداعيات الإيجابية التي تترتب على هذا القبول، وتفعيل خيار المسؤولية الدولية في إنهاء الاحتلال وفرض العقوبات وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحده، بل والتشكيك في عضوية إسرائيل، وأبعد من ذلك، التقدم بطلب لإعادة النظر في عضوية إسرائيل كدولة إستنادا للقرار المذكور، فلا يجوز قبول دولة كاملة العضوية وفى الوقت ذاته تبقى تحت الاحتلال، فهذا مناقض لميثاق الأمم المتحدة، ويعتبر إنتهاكا له، فإسرائيل كدولة كاملة العضوية لا تكتمل إلا بدولة فلسطينية كاملة العضوية، وهذه هي إلإشكالية الكبرى التي يحاول الفيتو الأمريكي ان يتغلب عليها بوهم التفاوض على الدولة الفلسطينية مع إسرائيل وليس عبر الأمم المتحدة، فمتى كان التفاوض على الدولة يكون عبر الدولة المحتلة، ولعل هذا هو الذى يفسر لنا الفيتو الأمريكي الأخير، الذى أسقط طلب فلسطين بالعضوية الكاملة، لأن القبول يفرض تفعيل الفصل السابع من الميثاق لإنهاء الاحتلال، وهو ما لا تسطيع معه أمريكا الإستمرار في توظيف الفيتو مع دولة كاملة العضوية، وهذا يجيب لنا على السؤال: لماذا الفيتو الأمريكي؟


ومع أهمية الإعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال، فانه يجب ألا نذهب بعيدا في الاعتراف، فهذا الاعتراف لا يعنى نهاية احتلال الأراضى الفلسطينية، ولكنه قد يكون بداية لطريق سياسى طويل، لكن أهميته ان طلب العضوية يقدم بالخرائط وبحدود مقرة ومعترف بها تستند على القرار رقم 242 الذى رفض ضم الاراضي التي ضمتها إسرائيل في أعقاب حرب 1967، بما فيه الضفة الغربية وغزة، وهو ما يعنى ان الطلب يتضمن حدود عام 1967 اي بمساحة تقارب العشرين في المائة، وهو ما يعنى تنازلا كبيرا من الجانب الفلسطينى، وإضفاء صفة الشرعية على ما احتلته إسرائيل في أعقاب حرب 1948، وهو ما يعني انه في صالح إسرائيل، ومع ذلك ترفضه إسرائيل بحجج وذرائع وسرديات تفتقد للشرعية والحق التاريخي، مستندة على القوة والدعم الامريكي بالفيتو في مجلس الأمن ، وهو ما يعنى أيضا تناقضا صارخا للميثاق وسببا في استمرار الصراع وعدم استقرر المنطقة، وسببا في الحرب وهو ما يقوى من الطلب الفلسطيني للتغلب على الفيتو الأمريكي بتفعيل قانون الإتحاد من اجل السلام وعرض طلب العضوية على الجمعية العامة، وفى حال الحصول على ثلثي الأصوات يصبح قرارا ملزما على مجلس الأمن، ويتحقق الهدف من طلب العضوية.


وإلى جانب هذا البديل، هناك مقاربة توسيع الاعتراف بالدولة بفلسطين دولة خارج الأمم المتحدة، وهذا يتطلب دبلوماسية عربية وإسلامية وصديقه لتوسيع الاعتراف، مما يجعل فلسطين حقيقة سياسية كما هي حقيقة قانونية.


يبقى أن هذا الخيار يحتاج إلى متطلبات ومعطيات فلسطينية، أولا إنهاء الإنقسام السياسى ، وإجراء إنتخابات فلسطينية للتأسيس لنظام سياسى مدني توافقي برؤية سياسية واضحة لمقاربة الدولة الفلسطينية، وبخيارات المقاومة السلمية الشعبية وخصوصا بعد حرب غزة، وتفاعل الرأي العام عالميا، وخروج العديد من المسيرات المؤيدة للحق الفلسطيني والمنددة بالاحتلال والحرب الإسرائيلية.


مقاربه الدولة تشتمل على العديد من المقاربات، وحزمة الاستراتيجية الكاملة وربط السلام في المنطقة بالدولة الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وهذا ما تخشاه إسرائيل ويقلقها.