منــح الفلسطينـيـين حكمـــاً ذاتيــاً ومواطـنـة أردنيــة

تنزيل
حجم الخط

 

 

بقلم: اليكيم هعتسني
في استطلاع أجراه «مقياس السلام» في جامعة تل أبيب كان 45 في المئة من الاسرائيليين مع ضم «المناطق» لاسرائيل و 45 في المئة ضد. 
وعلى فرض أن الضم يتضمن منح حقوق الانتخاب للكنيست، فان هذه نتيجة فضائحية. 
غير أنه من المشكوك فيه أن يكون كل من أجابوا نعم قصدوا ذلك. 
ففي الاستطلاعات التي يذكر فيها حق الاقتراع صراحة، نجد أن نسبة المؤيدين للضم تكون اصغر بكثير. 
يخشى الناس من دولة ثنائية القومية. وهذه المعضلة تطاردنا. بلاد كاملة وديمقراطية جزئية، ام ديمقراطية كاملة وبلاد مقسمة.
في الانتداب الذي منحته عصبة الامم لبريطانيا (1922)، وعد «الشعب اليهودي» بوطن قومي في «بلاد اسرائيل». اما العرب («الطوائف غير اليهودية») فقد ضمنت لهم حقوق مدنية ودينية فقط. في ذاك الوقت كان عدد العرب في البلاد خمسة أو ستة اضعاف عدد اليهود. وعليه، فكيف توصلت أمم العالم لقرار غير ديمقراطي كهذا؟ التفسير، المسجل في مقدمة كتاب الانتداب، كان سيسمى اليوم تفضيلا تعديليا: «يعطى بهذا اعترافا بالصلة التاريخية للشعب اليهودي ببلاد اسرائيل وبحقه في ان يقيم من جديد وطنه القومي في هذه البلاد».
كان هذا قبل نحو عشرين سنة من الكارثة. ومنذ ذلك الحين شعرت الامم بوحدانية هذه الخطوة السياسية، لاعادة شعب منفي الى وطنه التاريخي. 
وقد فهمت بأن هذا الظلم لا يمكن معالجته بوسائل عادية، ولهذا فلم يشبه الانتداب على «بلاد اسرائيل» على الاطلاق الانتدابين على العراق وعلى سورية. 
ولو كانت تفعم فينا اليوم الروح ذاتها، لكنا فهمنا بانه لا يمكن لاي مقياس يلائم مكانا آخر أن ينطبق هنا، لان مصير الشعب اليهودي مميز وخاص في التاريخ الانساني. والاستنتاج هو الا تبحث عن «حلول» حسب المبادىء الدارجة.
ما الذي تخيله المحتفلون في 29 تشرين الثاني والموقعون على وثيقة الاستقلال؟ كيف ستبدو الدولة حين يكون في الارض التي خصصتها لهم الامم المتحدة 598 الف يهودي و 497 الف عربي – شبه تعادل؟ كيف فكروا ان يتدبروا أنفسهم مع مثل هذه الديمغرافيا؟ تلميح بالحل موجود في مشروع التقسيم ذاته: للعرب في الدولة اليهودية اعطيت امكانية ان يختاروا حق المواطنة في الدولة العربية، وكما اسلفنا لليهود في الدولة العربية. عندنا، عندما اقترحوا احلال السيادة الاسرائيلية على «المناطق»، منح حكم ذاتي لعرب «المناطق» واعادة المواطنة الاردنية لسكان «المناطق» العرب – صرخوا بان هذا ليس ديمقراطيا: كيف؟ ان يسكن المرء في مكان ما وان يصوت في مكان آخر؟
الاستنتاج: سلطة الحكم الذاتي للسكان في «المناطق» وحق المواطنة في الأردن هو خيار شرعي. لماذا الأردن؟ ليس فقط لانه حسب الكتب المقدسة ممتلكات روبين، جاد ونصف قبيلة منشة هي جزء من «بلاد اسرائيل»، وكذا «الوطن القومي» للانتداب كان يفترض أن يمتد حتى حدود العراق. غير أنه منذ العام 1920 قسم البريطانيون «بلاد اسرائيل»، فصلوا شرقي الاردن (ثلاثة ارباع المساحة) واقاموا فيه امارة هاشمية، تحولت مع الايام لتصبح مملكة. مواطنوها يتشكلون في اغلبيتهم الساحقة ممن يعتبرون أنفسهم فلسطينيين والارض كفلسطينية (الاقلية البدوية لا تشكل قومية منفصلة)، ومع ذلك يعتبرون «اردنيين»، ما يسمح للفلسطينيين بان يعرضوا أنفسهم كـ «شعب بلا وطن».  
السلالة الملكية، التي أصلها من شبه الجزيرة العربية، اعترفت بصلة سكان الضفة الغربية بالضفة الشرقية، ولهذا منحت سكان «الضفة الغربية» مواطنية اردنية، سحبتها منهم فقط في 1988 بروح «تحرير فلسطين».
لقد سلم اليهود لانعدام البديل بتقسيم البلاد، ولكن من المشكوك فيه أن ينجوا من تقسيم ثانٍ. الاستنتاج: لا لـ «ضفتين للاردن» للعرب، نعم لـ «دولتين للشعبين»، واحدة من شرق الاردن واخرى من غربه، وكذا حكم ذاتي واحد. للحكم الذاتي يصوتون هنا، للدولة – هناك. سيادة كاملة لشعبين في ربع ارض الانتداب، بين النهر والبحر، مثلها كتربيع الدائرة. الحل الكامل لا يحتمل الا في رحاب المجال الاصلي.