اسرائيل في مأزق والخلافات تتعمق بين معسكرين، من جهة معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و الاستمرار في الحرب لتحقيق النصر المطلق. ومن جهة أخرى معسكر المعارضة وذوي الاسرى الاسرائيليين بان الحرب انتهت وتم استنفاذ الوسائل القتالية العسكرية، وتحقيق اهدافها بالسياسة، خاصة في غياب خطة لنتنياهو الذي لم يوضح بشكل علني برنامج سياسي ممكن التنفيذ لليوم التالي للحرب، ما قوض الانجازات العسكرية للجيش في قطاع غزة حسب تصريحات عديد من المعلقين العسكريين.
تدرك غالبية الاسرائيليون ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يعطل التوصل الى اتفاق للتوصل لصفقة وقف الحرب والافراج عن الاسرى الاسرائيليين، وهو المصدر السياسي الذي نشر خلال يوم السبت رسائل مفادها أن إسرائيل ستجتاح رفح بصفقة أو بدونها، كما يدرك الاسرائيليون أن تصريحات مستشار الامن القومي تساحي هنقبي ان واشنطن تعلم أننا سندخل رفح واننا كنا قريبين جدا من السنوار أخطأناه ببضعة أيام ، هي في خدمة نتنياهو وتعطيل مفاوضات الصفقة في لحظاتها الحرجة .
صباح اليوم ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن غالانت ورؤساء الأركان والموساد والشاباك توافقوا قبل أيام خلال اجتماع مغلق على ضرورة تقديم تنازلات في المفاوضات، بعد أن توصلوا إلى استنتاج بأن إسرائيل وصلت إلى طريق مسدود في حرب غزة.
وهذه حقيقة وما شهدته اسرائيل أمس من جدل يؤشر إلى انها في مأزق في الوضع الراهن، إسرائيل ترفض وقف الحرب كما أعلن نتنياهو وشركاؤه في الحكومة ، و هذا هو المطلب الرئيسي الذي تطرحه حركة حماس ومتمسكه به مع إبداء مرونه في الحصول على ضمانات مكتوبة، وهو أيضاً ما تقدمت به مصر والولايات المتحدة وتقبلان به، ويكسب شرعية في الواقع على الأرض . وهناك شبه اجماع في صفوف المعارضة والمعلقين والمحللين والقادة العسكريين والأمنيين الاسرائيليين السابقين بأن الحرب انتهت مع توقف العملية البرية في خان يونس. وأن إسرائيل لم تحقق اهدافها التي اعلنتها بالقضاء على حماس عسكرياً، لكنها لم تقوض قدرتها على العودة للحكم في غزة ، ويذهب كثيرين من اولئك للقول أن اسرائيل خسرت الحرب مع أنها حققت انجازات عسكرية مهمة جداً، وأن حماس لن تستطع اعادة تكرار طوفان الاقصى لخمسين سنة قادمة .
استمرار الحرب يعني استمرار حرب الابادة وارتكاب إبادة جماعية، وعملياً
هي غير مستعدة لوقف الابادة وتقسيم غزة وعدم عودة النازحين، وحصارها واستمرار العقاب الجماعي .
وهي تحاول الاستمرار بالقضاء على البنية التحتية لحماس التي لم تتوقف عن القتال ولديها اصرار ومثابرة مذهلة بالبقاء واعادة قدراتها وتنظيم نفسها بالسيطرة على المدن والمناطق التي انسحب منها الجيش الاسرائيلي منها. وهذا يسبب قلق ونقد شديد لنتنياهو وان اسرائيل لم تحقق اهدافها بالقضاء على القدرات المدنية للحركة.
وفي ظل ذلك وتوصل "العالم" بقيادة الادارة الأمريكية والدول الغربية لاسباب مختلفة وبمساعدة بعض الدول العربية في نهاية المطاف الى قرار بضرورة وقف الحرب حتى لو على مراحل، هذا "العالم" المتواطئ في حرب الابادة واستمرارها.
الادارة الامريكية والدول الغربية كانوا وما زالوا شركاء في حرب الابادة ولم يبذلوا جهود حقيقية لوقف الابادة والجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل ، والتي تلقت الدعم المطلق من تلك الدول المستمرة بترديد وتبرير جرائم إسرائيل بادعاء الدفاع عن النفس، وهدا كذب وتضليل.
من اسباب المطالبة بوقف الحرب تدهور الوضع الأمني الإسرائيلي على كافة المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأن اسرائيل اصبحت منبوذة على المستوى الدولي على سبيل المثال تظاهرات الطلاب في الجامعات الامريكية برغم الشيطنة والقمع الوحشي والتهديد بالفصل من الدراسة والحرمان من العمل بعد التخرج.
اضافة الى أن الاقتصاد الإسرائيلي ينهار وارتفاع الأسعار، وغيرها من القضايا ومازال أكثر من 100000 إسرائيلي مهجرين من بيوتهم ، و الجيش الإسرائيلي لم يحقق اهداف الحرب بتفكيك حماس .
يعتبر عدد من كبير من المحللين أن هذه الحرب هي حرب الانتقام والثأر و عقاب جماعي نتيجة الصدمة و الخوف والذل الذي تعرضت له اسرائيل في السابع من تشرين الأول / أكتوبر. بارتكاب جرائم الابادة والدمار والخراب ،وجعل قطاع غزة مكاناً غير صالح للحياة ودفع الفلسطينيين للهجرة القسرية وحتى الطوعية.
هذه السياسة التي قام بها الجيش الاسرائيلي باجماع يهودي اسرائيلي التي لا يتخيلها اي عقل بشري وتفوق المقارنة أو الفهم، و بعد سبعة أشهر من القتل اليومي و القصف الوحشي المستمر بلا هوادة لغزة وسكان غزة وتحويلهم إلى أنقاض، قد باءت بالفشل ، ويحاول الناس لملمة جراحهم والبدء من جديد او بما تبقى.
اسرائيل في مأزق وحالة انكار وان الحرب لا يمكن ان تستمر للابد ولن تستطع تنفيذ سياساتها وكل اهدافها امام حقوق الشعب الفلسطيني، وتمسك المقاومة بشروطها مع ابداء مرونة وعدم الاستسلام للشروط الاسرائيلية،