بدون لف أو دوران، وبدون دبلوماسية، فإن كتائب القسام، قد أعادت بناء نفسها وتنظيم مقاتليها شمالي القطاع، جباليا والزيتون وبيت لاهيا والرمال وبيت حانون ..الخ ، على اعتبار تصديقنا أكاذيب حكومة نتنياهو على شعبها، أن جيشها قد "اجتث" هؤلاء المقاتلين و "طهّر" منطقة الشمال. ولحجم الخسائر البشرية والعتادية التي أوقعت في صفوف جيش الاحتلال، بتنا نعتقد أن عودة الجيش إلى الشمال وبالتحديد إلى جباليا، هي بمثابة فخ حاكته القسام لتوقع فيه كل هذه الخسائر. إن هذه الخسائر، التي لم يتكبدها الجيش في بداية الحرب تقودنا إلى استنتاجات/ استخلاصات ممكنة، أولها أن تفعل خانيونس في الوسط، ما فعلته جباليا في الشمال، وثانيها سقوط مقولة نتنياهو بأن رفح هي آخر معاقل حماس، وثالثها أن ينزل نتنياهو عن شجرة رفح ويغض الطرف عن اجتياحها لاجتثاث آخر أربع كتائب لحماس، لأنه أصبح متأكدا أن هذا ليس صحيحا أو حتى دقيقا.
أما رابع الاستنتاجات، فهو الإقرار بهزيمته التي ربطها بشجرة رفح، حين قال عدة مرات منذ عدة أشهر أن انتصاره على حماس منوط باجتياح رفح.
وبغض النظر إن أقر بذلك أم لا، لأسباب مكابراتية، سياسية وشخصية وحزبية ، فإننا نذهب إلى الاستنتاج الخامس، من أن عدم انتصاره، أي هزيمته، تعني تلقائيا انتصار خصمه، حماس/ القسام/ السنوار، أي المقاومة الفلسطينية في غزة، وبهذا ترتبط استنتاجات أخرى عديدة وشديدة الوقع، أبرزها انتصار محور المقاومة في لبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران، ولمن لا يريد أن يفهم عن قيمة وأهمية جغرافية هذه المقاومة الممتدة وثقلها القتالي والسكاني والاقتصادي والعسكري والأخلاقي التحرري، فهو سيصدق أن هذا المحور سيتخلى عن انتصاره العزيز الذي مهره شعب المقاومة في غزة وغير غزة ، بأثمان غالية لا تقدر ولا تجير.
من السخرية بمكان، أن يقوم نتنياهو وأحلافه الدوليين والإقليميين بتحديد اليوم التالي للحرب. لا يعقل أن تقوم أمريكا بتحديد من يحكم غزة وهي شريكة لنتنياهو في هذه الحرب القذرة بالسلاح والمال والفيتو، المدعية بأنها وسيط لتحرير الرهائن وعدم دخول رفح لأن هناك وسائل أفضل وأضمن للقضاء على حماس، وقد أخطأت هذه الأخيرة، حين قبلت أن تكون أمريكا وسيطا بل وضامنا. وإلا ما معنى كل هذه المظاهرات الشعبية في شوارعها والتي تحولت في الشهر الأخير إلى ثورة طلابية عارمة، قد تطيح بالحزب الديمقراطي في الانتخابات التي باتت على الأبواب، أما النظام العربي فعليه أن يقرأ كل ذلك بسرعة قياسية، ويسحب يده من يد نتنياهو الذاهب إلى حيث المكان الطبيعي له كمجرم حرب في سراديب الخزي المؤبد وغياهب التاريخ الآفلة التي لا ترحم، في حين أن السنوار وربعه مقبلون قادمون من الأنفاق، من سراديب القتال، إلى حيث الحرية والشمس والمستقبل.
--------
من السخرية بمكان، أن يقوم نتنياهو وأحلافه الدوليين والإقليميين بتحديد اليوم التالي للحرب. لا يعقل أن تقوم أمريكا بتحديد من يحكم غزة وهي شريكة لنتنياهو في هذه الحرب القذرة بالسلاح والمال والفيتو، المدعية بأنها وسيط لتحرير الرهائن وعدم دخول رفح لأن هناك وسائل أفضل وأضمن للقضاء على حماس.