أظهر تحقيق تجريه الشرطة العسكرية الإسرائيلية أن استشهاد مواطنين من قطاع غزة، في آذار/مارس الماضي، نجم عن قيام جنود إسرائيليين بضربهما، بعد اعتقالهما واقتيادهما إلى منشأة الاعتقال "سديه تيمان" قرب بئر السبع، وليس بسبب ظروف الطريق مثلما زعم جنود إسرائيليون كانوا يحرسونهما، وفق ما نقلت صحيفة هآرتس" اليوم، الثلاثاء، عن مصدرين.
واعتقل قوات إسرائيلية المواطنين بادعاء الاشتباه بأنهما مقاتلان، وتم وضعهما وهما على قيد الحياة في شاحنة وتكبيل أيديهما، ونُقلا من منطقة خانيونس إلى منشأة الاعتقال الإسرائيلية، لكن عندما وصلت الشاحنة إلى منشأة الاعتقال تبين أنهما استشهدا.
وجمعت الشرطة العسكرية أدلة تتناقض مع ادعاءات جنود من سلاح الهندسة حول إصابة الشهيدين في الطريق. وتشير الشبهات إلى أنهما تعرضا للضرب على عدة أماكن في جسديهما، وأن أحدهما أصيب برأسه، وفقا للصحيفة.
وجرى التحقيق حتى الآن مع عدد من الجنود، من دون اعتقال أي منهم، "مثلما حدث في 33 حالة وفاة أخرى لسكان من القطاع الذين اعتقلوا خلال الحرب وجرى نقلهم إلى إسرائيل"، حسبما ذكرت الصحيفة. وتدعي الشرطة العسكرية أنها لم تتلق بعد تقرير تشريح الجثتين حتى الآن، وأنه بعد حصولها على التقرير سيتقرر كيفية استمرار التحقيق.
وعلى خلفية الانتقادات الدولية لإسرائيل بعدم إجراء إسرائيل تحقيقات ضد جنودها بشأن جرائم حرب يرتكبونها في قطاع غزة، ادعت الشرطة العسكرية أنها تحقق في الأشهر الأخيرة في 35 حالة استشهاد فلسطينيين بعد اعتقالهم وهم على قيد الحياة داخل القطاع وفق متابعة صدى نيوز، بينما زعمت المدعية العسكرية، ييفعات تومير – يروشالمي، أمس، إن الجيش الإسرائيلي يجري 70 تحقيقا مرتبطا بالحرب على غزة.
وقال المصدران اللذان تحدثا إلى الصحيفة إنه إضافة إلى الفلسطينيين اللذين استشهدا في الطريق إلى منشأة الاعتقال "سديه تيمان"، يجري فحص اشتباه بأن فلسطينيين آخرين استشهدا بعد اعتقالهما من جراء معاناتهما من وضع صحي لم يتم معالجته وتفاقمت حالتهما في منشأة الاعتقال.
وينقل الجيش الإسرائيلي المعتقلين من القطاع، منذ بداية الحرب، إلى قاعدة "سديه تيمان" بعد تحويلها إلى منشأة اعتقال تفتقر لأي ظروف تسمح بأن تكون معتقلا. ونقل الجيش الإسرائيلي حتى الآن حوالي 2000 معتقل إلى السجون الإسرائيلية.
ويتوقع أن تنظر المحكمة العليا، الأسبوع المقبل، في التماسات ضد ظروف الاعتقال غير الإنسانية في "سديه تيمان"، الذين يتواجدون داخل أقفاص، وتبقى عيونهم معصوبة وأيديهم مكبلة طوال الوقت. ونقلت الصحيفة عن مصدر طبي زار منشأة الاعتقال، قوله إن "وضع الوقاية الصحية هناك صعب جدا، وهو أشبه بعالم آخر أو ثقب أسود. ويوجد هناك أرض خصبة لانتشار أمراض". وطالبت الأمم المتحدة إسرائيل بالتحقيق في شكاوى خطيرة حول عمليات تعذيب وتنكيل شديدة بالمعتقلين في منشأة الاعتقال والسجون، بعد أن تلقت معلومات حول ذلك من المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "اللجنة لمناهضة التعذيب في إسرائيل".
وأكد مصدر طبي آخر أنه اطلع مؤخرا على عدة حالات "موت مفاجئ" لفلسطينيين في السجون ومنشآت الاعتقال في إسرائيل، وأنه لم تكن لديه طريقة لتفسيرها. وقال إن أحد الشهداء هو عز الدين البنا (40 عاما) الذي اعتقال في القطاع، في شباط/فبراير الماضي، وكان يتنقل على كرسي متحرك، واستشهد في سجن "عوفر".
وقال المصدر الطبي إنه بعد اطلاعه على تشريح جثة البنا، فوجئ من التدهور السريع في وضعه الصحي، بعد أن عاش 18 عاما مع إعاقته، وقدّر أنه لم يحصل على العناية اللازمة. وأفادت تقارير سابقة بأن البنا عانى من آلام شديدة بسبب تقرحات فراش "وأصدر أصوات احتضار"، لكنه لم يتلق أي عناية.