من الطبيعي أن تفرح الأمهات بتصرفات أطفالها حين يبدؤون بالحركة من أماكنهم، وفي مرحلة المشي، ثم الكلام، حيث تبدر عنهم تصرفات كثيرة تسعد قلوب الأمهات، وحين يتطورون في النمو؛ فهم يصبحون مثل رجال صغار أو نساء صغيرات؛ فهناك الطفل الثرثار، وهناك الطفل الذي يسهر كثيراً ولا يحب النوم، وهناك الطفل الذي يراقب كل شيء بعينيه الصامتتين، والكثير من التصرفات المزعجة التي تثير الأمهات، ويعتقدن أنها لا تليق بالأطفال، أو أنها تدل على أعراض سلوكية خطرة؛ ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، في حديث خاص بها، المرشدة التربوية لميس عبد الله، التي أشارت إلى 4 تصرفات مزعجة لطفلك، ولكنها تدل على الذكاء المفرط كالآتي:
الطفل الكسول
تعتقد الأم أن صفة النشاط والحركة ترتبط بالطفل الذكي، وتخاف كثيراً من طفلها حين يكون كسولاً، وتعتقد أن ذلك يدل على محدودية ذكائه وتقارنه بأقرانه ممن يماثلونه في العمر؛ فالمفروض أن الطفل يكون كثير الحركة والتنقل، بل يفعل ذلك بسرعة، ويستجيب لأي نداء ينطلق من الأم، كما أن الفضول يلازم الطفل في مرحلة الطفولة الأولى؛ فتراه يسرع لكي يفتح الباب حين يدق، أو يسرع لكي يجيب على الهاتف، ولكن حين ترى طفلها قد أصبح طفلاً كسولاً؛ فهي تعتقد أن في الأمر مشكلة، وربما تلجأ إلى الطبيب أو متخصص في تعديل السلوك، ولا تعرف الأم أن الطفل الكسول قد يكون أحياناً من علامات الذكاء.
وحسب دراسات أُجريت في جامعة أكسفورد، فالطفل الكسول غالباً ما يرى أن الأعمال التقليدية لا تناسبه، أو أنها قد تهدر وقته الذي يحتاجه لأداء أعمال أكثر فائدة وجدوى، ورغم أن الكسل صفة يتحكم فيها نحو 14 جيناً وراثياً نصفها غير معروف، وهذه الجينات هي أجزاء من الحمض النووي "دي إن إيه" التي ترشد الجسم لأداء العمل بشكل ما؛ فإن ذلك لا يعني أن الشخص الكسول هو شخص قد ورث هذه الصفة من والديه، فوراثة الكسل ترتبط بصفات أخرى موروثة، وغالباً تختلف عما يظهر لدى بعض الأطفال المميزين الذين يحبون الكسل؛ ليفكروا بآفاق جديدة، كما أن الطفل الكسول يرى أنه ليس بحاجة إلى مجهود كبير ليحقق ما يريده، ويبدو أنك لاحظت أنه يمعن النظر في أمر ما، ثم يؤديه بسرعة أكثر من باقي إخوته، وبذلك يضمن شهادة ذكائه.
الطفل قليل النوم
من الطبيعي أن يرتبط النوم وعدد ساعاته بصحة الطفل ومعدل نموه، وقد وضع الأطباء ومختصو النمو جدولاً يبين تدرج ساعات النوم عند الطفل منذ ولادته ومع مرور الأشهر حتى يصل تقريباً إلى سن العامين؛ ففي هذه السن غالباً ما ينام الطفل مثل الكبار، ولكن قبل ذلك، الأم تقيس عدد ساعات نوم طفلها بمعدل نموه الصحي، وتعتقد أن الطفل الذي ينام ساعات طويلة هو الطفل الذي لا يعاني من مشكلات صحية أو سلوكية، ولكن العلماء توصلوا لنتيجة مغايرة تماماً؛ فليس دائماً ذلك صحيحاً.
فمعدل وعدد ساعات نوم الطفل قد يرتبط عكسياً بمعدل ذكاء الطفل، وحيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن الطفل قليل النوم هو طفل ذكي بمعنى الكلمة، بل إنه يحصل على أفضل معدلات الذكاء في اختبارات الذكاء، ويشير العلماء إلى تفسير هذه الظاهرة المفاجئة بأن الطفل الذي ينام قليلاً هو طفل حريص على متابعة كل ما يجري حوله، وهو ليس من الغباء بحيث يفوت ذلك.
كما أن الأمر نفسه ينطبق على الطفل الذي يستيقظ كثيراً خلال الليل؛ فتلاحظ الام أن الطفل يستيقظ لكي يجلس في سريره، ثم يبكي قليلاً، أو قد يلتفت حوله، ثم يعاود النوم، والأم لا تعرف أن هذه التصرفات تعني أن طفلها سوف يحقق مستويات أعلى في اختبارات الذكاء حين يكبر، وأن التصرف الذي يصدر عن الطفل ويستمر معه حتى سن دخول المدرسة ليس مقلقاً ولا يُعد ظاهرة غير صحية.
الطفل الثرثار كثير الأسئلة
تصف الأم الطفل الثرثار كثير الأسئلة بأنه يشبه آلات التسجيل أو الأجهزة الإلكترونية التي تعمل بلا توقف، كما ترى الأم أن الطفل كثير الأسئلة هو طفل غبي أو أن استيعابه يكون ضعيفاً؛ فتضطر الأم أن تجيب عن أسئلته أكثر من مرة مثلاً، أو تراه يتحدث كثيراً، والحقيقة أن هذا الطفل المزعج هو طفل ذكي، بل إنه يسجل كل ما يراه ويقوم بتحليله، وعملية التحليل التي يقوم بها عقل الطفل ليست بسيطة في هذا العمر، وهي عملية يعجز عنها الكبار غالباً؛ ولذلك فالطفل في سن المدرسة مثلاً أو ما قبلها حين يسأل كثيراً أو يثرثر ويعيد كل ما يسمعه ثم يبدي عليه ملاحظاته، ويسأل أسئلة قد تبدو تافهة وسطحية هو طفل قادر على التحليل، والتحليل هو درجة من درجات الذكاء يجب أن تطمئن لها الأم وأن طفلها سيكون مميزاً لأنه استطاع الوصول إليها.
الطفل الذي يراقب كل شيء
تلاحظ الكثير من الأمهات أن أطفالهن يتحدثون مع أنفسهم، وهذه المرحلة من النمو الإدراكي والمعرفي هي مرحلة عادية وطبيعية يمر بها الطفل، كما تلاحظ الكثير من الأمهات أن أطفالهن يراقبون كل شيء وأن رأس الطفل تدور في كل اتجاه، ويتابع بعينيه كل ما يراه، وفي صمت غالباً، وفي بعض الأحيان تراه يردد بعض الكلمات بينه وبين نفسه، وكأنه يبرمج ما رآه، وفي هذه الحالة، على الأم أن تطمئن وألا تقلق؛ فهذه الحركات لا تدل على تخلف عقلي أو سلوكي لدى الطفل، بل على العكس؛ فهذه الحركات -أي الحديث مع النفس ومراقبة كل ما يدور في صمت- هي الدليل على أن الطفل يتمتع بعبقرية فوق المتوسط حسب قياسات الذكاء العالمية، وذلك وَفْقَ ما توصل إليه العلماء في دراسات مستفيضة في جامعة أكسفورد.