هنا أود الحديث عن معالجة لداء التهميش الذي يصيب العصب التنظيمي ويعطل وظائف الدماغ الرئيسة والتي تحول دون الوصول الى الأداء السليم أي حسن التنظيم، وسوف نتواصل في 6 حلقات متصلة، وبداية نقول أن المضاد الحقيقي للتهميش هو توزيع المهام، حيث ينص النظام الأساسي لحركة فتح على أن لكل عضو مهمة وأن الإطار هو المعنى الحقيقي للعمل التنظيمي، وبالتالي لكي يتحقق هذا يجب أن تحقق "الهيكل-التنظيم" الأهداف التي خططت لها وتؤمن قوتها واستمراريتها وسلامة الأعضاء ووضوح مهامهم وأدوارهم، وكما أن الأمر يتطلب ضرورة التأكد من أن كل فرد يسير في عمله وفقاً لحسن التنظيم الموضوع، وهنا يستلزم تفعيل الرقابة الحركية وهذه الرقابة المقصود بها "معالجة الأساليب والإجراءات والتعليمات التي يمكن أن يخطئ فيها الفرد العضو" وهنا القصد هو التصحيح وحسن انسياب الأداء الهرمي التنظيمي وليس المقصود العقاب لتحقيق التهميش والتقزيم والتنفير.
وما سبق عبارة عن مسؤوليات تتعلق بعدة أمور منها: 1- اتخاذ القرارات 2- دراسة الخطط ووضعها وفقا للبيانات والمعلومات "وهنا يتضح أهمية الجلسات التنظيمية وسلامة التقارير ونموذجيتها" 3- تحديد الأغراض والأهداف لتحقيق وحدة العمل التنظيمي 4- الوعي القيادي وممارسته للعمل التنظيمي وفق النظام 5- الرقابة على العمل وأسلوب أداء الأعمال 6- تحقيق النتائج المستهدفة.
ان هذه مسؤوليات لا يمكن أن تكون وفق الفكر الاناني "التخريبي" أو اساليب التهميش "التفريغ"، بل يجب التفويض في كثير من الأمر، لأن العمل التنظيمي يقترن بالمسؤولية، أي تقترب بالواجب، وهنا يمكن أن نفهم معنى الحقوق والواجبات للعضو، فكل حق يقابله واجب والتزام "مسلكيات"، ولكي تعالج التنفير والتهميش يجب أولا أن تتناسب المسؤوليات مع قدرة حامليها، وتفهم طبيعة التنفيذ والكفاءة والتقدير والمتابعة والمعالجة "ملاءمة الأعضاء للمهام وملاءمة المهام للأعضاء"، فلا يعقل مثلاً أن نكلف أحدا بمسؤولية الملف الإعلامي والتثقيفي وهو يفتقد الى القدرة على الممارسة والتأثير على الآخرين ونشر الثقافة، وكما أن التخطيط التنظيمي "البرنامج الحركي العام- السياسات" يسبق التنظيم "الهيكل الهرمي".
ولكي نتفادى التباين أو الفروقات في الاسلوب الفكري بين الأجيال، يجب أن يكون التخطيط التنظيمي منسجما مع الحالة الراهنة ومتوقعا لما هو قادم "التنبؤ التنظيمي والسياسي" ومستفيدا من التجربة السابقة، وهذا لن يتم إلا بتجميع الإحصائيات الدقيقة ومراعاة عوامل التطور وقدرة الأعضاء لا تهميشهم أو القفز عن خبراتهم، وهذا التخطيط السليم يوجد السياسات التي تيسر للقيادة أداء أعمالها، وتمكنها من استخدام الأعضاء في تنفيذ البرامج والخطط والفعاليات، وتنمي القدرات، ولهذا فإن كل إطار يجب أن يضع خطة تنظيمية تناسب جغرافية تواجده والخط السياسي العام، وتلتقي الأطر في تنفيذ السياسات الأعلى، فأي تنظيم لا يعتبر شيئا إذا لم تقم به مجموعة من الأشخاص، فإن فشل التنظيم في ذلك أصبح متناقضا مع نفسه ويمارس التهميش التلقائي المدمر وهنا يكمن خلل ربما لا يتمكن الكثيرين من الإمساك به في زحمة البحث عن التوجيه والتنسيق والأداء القيادي المطلوب.