بعد عقد لقاءاتٍ في لندن والدوحة والكويت والضفة الغربية، والاستعداد لعقد لقاءات أخرى في مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني، تحضيرًا لعقد مؤتمرٍ وطنيٍّ جامعٍ يضم ممثلين عن الموقّعين على مبادرة "المؤتمر الوطني الفلسطيني"؛ بات من الضروري أن نقف على الفرص والتحديات التي تواجه هذه المبادرة؛ ذلك لتعظيم إمكانات نجاحها، ولكي تتوّج بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير، الإطار الجامع والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
الفرص
لنبدأ بالفرص المتاحة أمام هذه المبادرة، وهي تستمد حضورها من أن القضية الفلسطينية عادت إلى صدارة الأحداث والأزمات الدولية، وبات واضحًا أكثر من السابق استحالة القفز عنها وضرورة التوصل إلى حل لها. لذا، هناك فرصة لتحقيق إنجاز تاريخي، في ظل أن دولة الاحتلال تمر الآن في أسوأ حالاتها وأضعفها، على الرغم من حرب الإبادة التي تشنها. فقوة الردع الإسرائيلية سقطت، والبعبع الذي أقيم في المنطقة لحراسة المصالح الاستعمارية بات بحاجة إلى من يدافع عنه، ومكانة إسرائيل ودورها في الإستراتيجية الغربية والأميركية سيتعرضان إلى مراجعة مهما تكن النتيجة النهائية لهذه الحرب.
وثمة فرصة أخرى أمام المبادرة، تتمثل في أن مختلف الأطراف الفلسطينية في مأزق، بغض النظر عن أسبابه، وتبحث عن مخرج بلا جدوى. فالقيادة الرسمية وصلت إلى أسوأ أوضاعها، في ظل فشل برنامجها، وباتت مطالبة بخلق بديل لها أكثر اعتدالًا منها، وإلا ستُستبدل، وباتت كذلك مشلولة وغير مقبولة، ليس من شعبها ومعظم الفصائل فقط، وإنما من معظم أصدقائها وحلفائها، بمن فيهم دولة الاحتلال. وكذلك المقاومة في مأزق، وإن من طبيعة أخرى، فهي تمثّل نموذجًا بطوليًا، لكنها مطالبة بأن تتراجع، ولا تحكم غزة حتى يتم البناء وإعادة الإعمار ومن دون رؤية شاملة وبرنامج سياسي يركز في هذه المرحلة على إنهاء الاحتلال للضفة الغربية وقطاع غزة وليس قطاع غزة فقط، وتمارس الكفاح المسلح من دون وحدة وطنية جامعة (والمقصود هنا وحدة بين الوطنيين) أو قيادة موحدة ذات أفق سياسي يتيح استثمار الصمود العظيم الأسطوري والمقاومة الباسلة.