ليست العربية ملكة لغات الإنسان في عدد حروف الهجاء، كما وليست العبرية هي الأقل في حروفها الأبجدية (28 للأولى و22 للثانية).
لا أعرف كم لغة تجيد، أو تفهم، عضو الكنيست اليمينية عنات باركو، وهل العربية ضمنها أم لا، لكنها ألغت الشعب الفلسطيني من الوجود، لأنه ناطق بالعربية، ولأن العربية ينقصها حرف الهجاء (P)؟! فتصوروا! هذا هو «تهافت التهافت»!
ليست العربية أقدم اللغات السامية، كالسريانية والآرامية مثلاً اللتين سبقتا العربية في التدوين الكتابي (يُقال إن القرآن أول كتاب بالعربية) لكنها صارت أبرز اللغات السامية، ويرى شاعرنا القومي، محمود درويش، إن معجزة دولة إسرائيل الحقيقية هي إحياء اللغة العبرية بمزجها بلغة «الييديش» التي كان يتكلمها بعض يهود أوروبا.
الجذر السامي للعربية والعبرية أخذ من السريانية والآرامية، وتشترك اللغتان ولو مع نطق مختلف قليلاً أو كثيراً، بمفردات أساسية كثيرة: الحياة. الموت. الطبيعة إلخ!
هل يعيب الأبجدية العربية غياب حرفي الهجاء P وV، ولا يعيب العبرية أن يغيب نطق حرفي «العين» و»القاف» عن لسان اليهود الأشكناز مثلاً، مع وجودهما في الأبجدية العبرية، وفي نطق عبرية السفارديم؟ هذا عن اللغات السامية، فماذا عن اللغات اللاتينية، حيث ينطقون في الإسبانية، مثلاً، حرف «السين» «ثاء» فيقولون «غونثالث» وليس «غونسالس»؟ المصريون العرب ينطقون حرف «الجيم» معطّشاً كأنه حرف (G) غير الموجود في الأبجدية العربية كما وفي P وV، لكن لعلها ميزة اللسان العربي هي في قدرته على لفظ الحروف الثلاثة بسهولة، كما في لفظنا كلمة «انكلترا»، بينما يصعب على أهل اللغات اللاتينية نطق حرف «الضاد» مثلاً، الذي تنفرد به العربية دون اللغات كافة، بما فيها العبرية ذات الجذر السامي المشترك مع العربية.
اثنان من الصحافيين الإسرائيليين، هما بن درور يميني (يديعوت 15 شباط) وديمتري شومسكي (هآرتس 18 شباط) سخّفا لغو عنات باركو، والأوّل أشار إلى إنكار غولدا مائير وجود الشعب الفلسطيني لأسباب أخرى غير لغوية، والثاني استشهد بنكتة أوكرانية تنفي وجود وطن لليهود، لأن يهود أوكرانيا يصعب عليهم نطق حرف «الغين» في كلمة «غودينا» التي تعني «الوطن». صار لليهود وطن يدعى «إسرائيل» وصار للعبرية الاشكنازية أن تقول «كريات» بدل «قريات» وأن تنطق حرف (P) وكذا حرف «الغين» وحرف V، أيضاً.
يجوز، لأسباب أيديولوجية قومية، أن يقدم عزمي بشارة مثلاً الانتماء العروبي للفلسطينيين على كونهم «شعباً»، ويجوز أن اسم «فلسطين» من «الفلست» الكريتيين، وأنه لم تكن في التاريخ دولة فلسطينية، وأن الممالك اليهودية القديمة في أرض فلسطين لم تشكل كياناً سياسياً مستقراً كدولة، ويجوز أن الكتب العربية القديمة نعتت اليهود بوصفهم «إسرائيليين» كما في كتاب ابن أبي أُصيبعة «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» عن «الإسرائيلي العربي النطاسي في الطب»! لا معنى لنفي العروبة السياسية القديمة، بعد قيام إسرائيل بنعتها بالكيان الصهيوني، لكن نفي اليهودية شيء آخر كما نفي المسيحية أو الإسلامية.
أما نفي وجود شعب فلسطيني لأن لسانه العربي ينقصه بعض حروف الهجاء فهو أمر سخيف.. ولغو فاشي في اللغة! أعطى السريان اسمهم لسورية التي تتحدث العربية، وأعطى اليونان والرومان وكذا الأناجيل والتوراة اسم «فلست» و»فلسطينا» فماذا أعطت الصهيونية لتعريف الأمة ـ الشعب؟ قالت بنظرية غير الألمانية والفرنسية (الإرادة واللغة) وهي: كل مجموعة بشرية تعرّف نفسها «شعباً» فهي شعب.
لا بأس أن يرى صهاينة أن الوطنية الفلسطينية هي ردّ على المشروع الصهيوني في فلسطين.
إسرائيل دولة وشعب، والفلسطينيون شعب بلا دولة، لكن محاولات نفي وجود شعب فلسطيني، لادعاءات مختلفة، ولو كانت سخيفة مثل ادعاءات عنات باركو، هي محاولات لأفكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتشكيل دولته الخاصة.. وإحدى الذرائع الجديدة. نوّة أخرى آخر تحديث في موقع «طقس فلسطين» لكميات التهطال المطري يعود إلى 10 كانون الثاني من العام الجاري.
كم نوّة ماطرة منذ ذاك التاريخ، علماً أن النوّة قبل الأخيرة قالت إن معدّل التهطال صار 67% في الضفة و130% في غزة.
تهمّنا نشرة الطقس والمنخفضات القطبية وغير القطبية وعدد «الثلجات» لكن الأهمّ هو المعدّل المطري، أكثر من معدل درجات الحرارة اليومية والأسبوعية والفصلية، أيضاً.
حسن البطل - .