الإطاحة بأبرز أربعة وجوه شرّ في العالم

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

لا تقتصر مفردة "الإطاحة" على الانقلاب العسكري من النوع الذي أفشلته الجماهير الوفية ضد الرئيس التقدمي لويس آرسي قبل بضعة أيام في بوليفيا، ولا على الإخفاق في الانتخابات التي يواجهه ماكرون وحزبه في فرنسا، وريشي سوناك في بريطانيا، أو حتى في المناظرة الفضيحة التي سقط فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن شر سقطة، جعلت حزبه الديمقراطي برمته في حالة من الإرباك، وضرب الأخماس بالأسداس.


بنيامين نتنياهو بدوره، يتعرض إلى نوع ثالث أو رابع من "الإطاحة"، إطاحة من النوع الأكثر فظاعة وبشاعة، تستمر على مدار تسعة أشهر، وتدخل شهرها العاشر خلال أيام، متصلة بمظاهرات شوارعية لتسعة و ثلاثين أسبوعاً سبقت طوفان الأقصى، إطاحة لا يملك فيها إزاء كل ما يواجهه إلا أن يختار ما بين السيء والاسوأ، "أحلاهما مر".


بين أن يوقف الحرب على غزة، وبين أن يذهب إلى السجن. بين أن يشن حربا أخرى على لبنان، وبين أن يستمر في تحمل "اعتداءات" حزب الله اليومية على شمال البلاد الذي أصبح خاوياً. بين أن يطلق سراح أسراه، وبين أن يتركهم ليواجهوا مصيرهم وحدهم بين أيدي "الإرهابيين القتلة" عشرة أشهر مرشحة للمزيد. بين أن يبادلهم بالآلاف من أسرى المؤبدات "الملطخة" أيديهم بدم اليهود، وبين أن يقصفهم ويقتلهم بيده، كما فعل مع العشرات منهم، فتتلطخ يداه بدمهم كوصمة عار تاريخية في جبينه. بين أن يسلم غزة لفتحستان أو حماسستان. بين أن يجند الحريديم فيتهاوى ائتلافه، وبين أن يعارض قرار مستشارة القضاء فيزداد الشرخ في صفوف بقية الجند. بين أن يبقي على بن غفير وسموترتش فيزداد الابتزاز والتطرف والعنصرية والاستيطان والدين المريض والسلاح الشخصي، وبين أن تسقط حكومته وتستأنف مقاضاتها بالتهم الأربعة المشينة القديمة. بين أن يشكل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر بموافقة المعارضة، وبين أن تقوم المحكمة العليا بتشكيلها، وفي الحالتين "سيناله من الحب جانب". بين استمرار أكاذيبه المنكشفة في القضاء على حماس – وصفها الناطق باسم جيشه بأنها ذر للرماد في عيون الإسرائيليين– وبين رؤية السنوار يعتلي المنصة، ويلقي خطاب النصر في ربع مليون شخص من أنصاره وملياري شخص في العالم، عبر عشرات الفضائيات المختلفة وبمعظم لغات الكون على الهواء مباشرة.


إن هذا النوع من "الإطاحة" هو الأخطر والأبلغ والذي من شأنه أن يطال الدولة والشعب وتحدث فيه انشقاقات وشروخ أفقية وعمودية يصعب رتقها خلال مدة قصيرة. إنها أصعب بكثير من إعادة بناء غزة المدمرة تدميراً شبه كامل، وأصعب بكثير من إعادة زراعة البطيخ والبندورة والفراولة والورد التي أتت على مزارعها الحرب الإبادية.
الإطاحات الأربعة بأكثر وجوه الشر والقبح في العالم، بايدن، وماكرون، وسوناك، ونتنياهو ينذر بحكم تاريخي صارم؛ البدء بإسدال الستارة السوداء على حقبة قاتمة جلّلت العالم بالحرب والموت والدمار والخراب والمرض والجوع والفقر والظلم، مستندة بالطبع على وعي جماهيري جمعي في الكثير من أقطار هذا العالم، والقسم الخاص بنا كعرب ومسلمين ليس في مأمن على الاطلاق، فالإطاحة بالسيد تطيح بالعبيد تلقائيا.

.....
إن هذا النوع من "الإطاحة" هو الأخطر والأبلغ والذي من شأنه أن يطال الدولة والشعب وتحدث فيه انشقاقات وشروخ أفقية وعمودية يصعب رتقها خلال مدة قصيرة. إنها أصعب بكثير من إعادة بناء غزة المدمرة تدميراً شبه كامل، وأصعب بكثير من إعادة زراعة البطيخ والبندورة والفراولة والورد التي أتت على مزارعها الحرب الإبادية.