رسمياً، الدولة في شرم الشيخ.. الرئيس ورئيس الوزراء، وعدد كبير من الوزراء المختصين.. شعبياً، الناس في متاهة دولة أمناء الشرطة.. صراحة، السيسى صعبان عليّا جداً.. هذا الموقف يستحق الشفقة فعلاً، ولا يدخل في باب النفاق أبداً.. عمرنا ما نافقنا.. القضية الآن قضية وطن يتعرض للخطر.. للأسف ممن ينبغى أن يحفظوا استقرار الوطن، فإذا هم يهددون الاستقرار، ويضربون دولة الرئيس المنتخب!
الطعنة هذه المرة ليست من الإخوان، لكنها من دولة الأمناء.. فقد كان من المنطقى أن تتجه أنظارنا إلى شرم الشيخ، حيث جاءت أفريقيا باستثماراتها وسوقها الكبيرة.. للأسف هناك شىء غطى على مؤتمر الكوميسا، إنه حادث حصار مديرية أمن القاهرة بسبب مقتل سائق الدرب الأحمر، خاصة لأن مؤسسة الرئاسة تحركت بكل قوة لمواجهة الخطر القادم من الداخل.. لهذا السبب «أشفق» على الرئيس!
وعلى فكرة، لا أشفق عليه مجاملة له أبداً، وإنما من باب الخوف أن تذهب جهوده سُدى.. مصر تحتاج إلى جهد السيسى.. مصر في وضع يجعلنا نقف خلف كل من يعمل.. قلت للمهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء: لم نأت إليك لنكون في مواجهتك، ولا لكى نضع الحكومة في «قفص الاتهام».. هذه المرة جئنا «نزُق» معك هذه السيارة.. الأمر يستدعى أن «نزُق».. لم تكن حادثة السائق قد وقعت بعد!
المشكلة ليست في حادثة الدرب الأحمر، ومقتل سائق برىء.. المشكلة في «التراكم» الذي حدث.. كل يوم مصيبة.. من هنا استشعرت الرئاسة الخطر، وتحركت بكل حسم وحزم.. معناه أن الرئاسة لا تنام.. ومعناه أن الرئاسة لا تنتظر التقارير والمكاتبات.. العكس هو الصحيح.. وربما كان تحرك الرئاسة هو السبب في امتصاص طاقة الغضب، وبالتالى منعت عبث أصحاب الهوى من الصيد في الماء العكر!
دعونا نعترف بأن الماء تعكر من جديد بين الشرطة والشعب، ولكن ليس إلى درجة «الانفجار الثانى» بسببها.. السبب أن الرئاسة واعية ويقظة.. ليس هناك حالة رضاء رئاسى أو تبرير.. المهم كيف نعالج المسألة؟.. ليس بالمحاكمة العسكرية وحدها، فالقوانين فقط لا تردع.. الأمر يتطلب هيكلة وتوعية مستمرة، وتعليمهم ثقافة استخدام السلاح، فضلاً عن استبداله بـ«الاسبراى».. «مش أي حد يمسك سلاح»!
السؤال: ما الفرق بين ما يجرى الآن، وما كان يجرى زمان؟.. أولاً: كل شىء على المكشوف.. ثانياً لا يوجد من يبرر الخطأ أو يطرمخ عليه.. ثالثاً الشرطة نفسها تعترف به من أول الوزير، وانتهاء بأندية الشرطة نفسها.. رابعاً: تحيله للمحاكمات، وتطلب حساب المخطئ حساباً عسيراً.. يعنى أن الشرطة تسعى لتطهير ثيابها فعلاً.. كما تخشى من تعكر علاقتها بالشعب.. وتعرف أن «هناك» من يتصيد الأخطاء!
دولة الأمناء أفسدت الفرح، وضربت كرسى في الكلوب.. فلم تتجه أنظارنا إلى شرم الشيخ، حيث الاستثمار من أجل المستقبل.. وإنما كنا جميعاً نتحسس الخطر.. من أول الرئيس حتى آخر مواطن يهمه أمر الوطن.. لهذا السبب شعرت بأننى مُشفق على السيسى.. مأساة أن يكون كل شىء فوق رأس الرئيس.. فعلاً مأساة!
عن المصري اليوم