الحرب الاقليمية .. ما تزال بعيدة

images (4)
حجم الخط
 

خلال الايام القليلة الماضية ارتفعت درجة حرارة التصريحات السياسية التي تلوّح بخيارات الحرب البرية في سورية، ووصلت  ذروتها في التحشيد الإعلامي الذي عمل على تسخين المسرح لحرب قادمة، وذهب البعض الى تجاوز فكرة الحرب الإقليمية الى حرب عالمية ثالثة ساحتها سورية وجوارها، ورغم أن لا أحد يستطيع ان يحدد الاتجاه الذي سيفضي إليه العنف السياسي الكلامي، إلا أن جميع المؤشرات الواقعية على الأرض تشير إلى أن تلك الحرب ما تزال بعيدة.
الغضب السعودي يفهم في سياق عملية تصفية الصراعات الإقليمية حيث يشعر السعوديون بأنهم خذلوا فيها من قبل حلفائهم الاميركيين، بدءا من الاتفاق النووي الغربي – الايراني وصولا الى التوافق الروسي الاميركي على حدود العملية العسكرية الروسية في سورية التي اقتربت من إنهاء الحرب في شمال سورية لصالح النظام السوري.  
آخر التطورات تشير إلى أن السعودية وحلفاء عربا وتركيا ينتظرون نتائج مبادرة مؤتمر ميونخ للأمن التي دعت إلى وقف إطلاق النار خلال أسبوع والذي انتهى عمليا يوم الجمعة الماضية،  في الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة أشكالا متعددة من الضغط على كل من السعودية وتركيا لثنيهما عن أي خطوة تصعيدية على الأرض، وهو الأمر المتوقع عمليا حيث لا يمكن أن تقدم تركيا العضو في الناتو على خطوة عسكرية بهذا الحجم بدون موافقة أميركية لن تتحقق نظرا للتفاهمات الروسية الأميركية التي تستند إليها الكثير من التطورات والتداعيات الجارية في المنطقة.
وفي الوقت الذي اخذت فيه تركيا البحث عن بدائل للحرج الاستراتيجي الذي وجدت فيه نفسها، تحديدا حيال تقدم وحدات حماية الشعب الكردي في الشمال السوري وبمحاذاة مساحات من الحدود، فإن أنقرة عادت مجددا إلى الآليات التقليدية في إدارة الصراع على الحدود، حيث تشير المعلومات الواردة من هناك إلى أنها فتحت نقاطا واسعة على الحدود لتدفق المقاتلين والأسلحة والدعم لجماعات المعارضة المقاتلة فيما تبقى بدائل تركية محتملة أخرى منها عملية عسكرية محدودة على الحدود تستهدف وقف تقدم الأكراد والحد من قوتهم. 
الخيارات السعودية تبدو محدودة أكثر في ضوء تعقيدات الجبهة الشمالية، وتراجع فرص القيام بتدخل بري واسع، حيث  تشير الكثير من القراءات العسكرية والسياسية أن هذا الخيار بات شبه مستحيل. تبقى في المقابل خيارات  الجبهة الجنوبية، حيث تسربت معلومات تشير إلى أن السعوديين يدرسون إمكانية نشر قوات في الجنوب الشرقي بالقرب من الحدود الأردنية، وهو عمل استراتيجي قد لا يشتمل أعمالا قتالية مباشرة.
على الجانب الآخر من المتوقع أن التفاهمات السياسية هي المحرك الذي سيلجأ إليه الجميع في نهاية النهار، وهو ما يعكس الإرادة الدولية التي ازدادت وضوحا في مؤتمر ميونخ الأخير لصالح فرض هدنة عسكرية - تبدو الطريقة التي قدمت فيها غير عملية -  ولصالح توصيل المساعدات إلى المناطق المحاصرة والمنكوبة، في هذا الوقت من المتوقع ان ترتفع وتيرة العمل السياسي خلال الأيام القادمة دون أن تتوقف إشارات التلويح بالحرب والتهديد بها، ولكن على الأرجح بدون مفاجآت من العيار الثقيل.

عن الغد الاردنية