وأخيرا، اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن، بما كان يجب أن يكون منذ أشهر، بأنه لا يصلح لأن يكون منافسا في السباق الانتخابي للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وأعلن انسحابه يوم 21 يوليو 2023، ليفتح الباب واسعا أمام النائب كاملا هاريس لتصبح أول امرأة من أصول هندية مهاجرة ذات البشرة السوداء تدق باب البيت الأبيض.
خطوة بايدن لم تكن خيارا ذاتيا، بل جاءت تحت ضغوط كسرت "عناد ساذج" بعدما قدم "هدايا انتخابية" غير مسبوقة للمنافس، والحق ضررا بالغا بحزبه بمكانته في الكونغرس بجناحيه، الشيوخ والنواب، رغم أنها جسدت المقولة الشعبية "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا".
الهدف من الإشارة ليس تقييم "التجربة البايدنية" الآن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع مع دولة الفاشية، رغم أنه صهيوني "معتق جدا"،ولم يوف بأي من وعوده حول منظمة التحرير، وفتح مكتبها ورفع اسمها من قائمة "الإرهاب"، وإعادة عمل القنصلية في القدس الشرقية، لعب دورا مركزيا في قيادة الحرب العدوانية على قطاع غزة وأحد صانعي مؤامرتها في أكتوبر لخلق نكبة كبرى حماية لدولة الكيان من حرب أهلية دقت بابها، ووقف "جدارا واقيا" أمام دولة فلسطين وحقها في العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، كما في العدل الدولية والجنائية الدولية، وقد يكون أحد أفضل الرؤساء الأمريكان لدولة العدو الاحلالي في تاريخها.
الملهم من الحدث البايدني، كيفية الإدراك المبكر في تقييم التطورات التي تتسارع في العالم، بما فيها ما يتعلق بالمشهد الوطني الفلسطيني، مؤسساتيا وكيانا ومشروعا قادما، وكيفية العمل التحضيري لمواجهة ذلك، بعيدا عن "العناد الذاتي التدميري"، وقبل تكريس خسائر سياسية لا يمكن إصلاحها في ظل وضع لا يوجد به ما هو صالح سوى شرعية القضية الوطنية.
ذلك يتطلب، أن تقف المؤسسة الرسمية الفلسطينية أمام القادم بكل الاحتمالات، التي لا يمكن الهروب منها، سوى لمن فقد مقومات الإدراك، وغارق في بحر النفاق والجبن السياسي بما لا يليق بمكانة التمثيل التاريخي.
الخطوة المركزية الأولى التي يجب توضحيها للشعب الفلسطيني، دون ضوضاء الولاءات الخادعة، كيف يمكن انتخاب الرئيس، فيما لو قرر الرئيس عباس اليوم أو الغد التنحي لسبب صحي، أو لظرف طارئ يمنعه من اكمال المهمة التي تولاها منذ ما يقارب الـ عشرين عاما، ليصبح من الأقدم في عالمنا العربي كرئيس وملك أيضا.
تلك العملية، تبدأ من تحديد مكونات الرسمية الفلسطينية ذاتها، في ظل تيه المسميات التي تستخدم إعلاميا، دون أن يكون لها تحديد سياسي قانوني واضح..
هل هناك "سلطة فلسطينية" لها رئيس ومن سيحل محله في حال شغور المنصب، ووفقا لماذا.
إذا لم يكن هذا المنصب قائم، وتم استبداله بمنصب رئيس دولة فلسطين، كما هو مستخدم إعلاميا، كيف يمكن سد الفراغ فيما لو حدث، ووفق أي "نظام أساسي"، السلطة المقر 1996 وتعديلاته عام 2003، أم سيكون النظام الأساسي لمنظمة التحرير، وهو لا يغطي كل الصلاحيات التي يمارسها الرئيس عباس راهنا، كونه جمعها بين سلطة ودولة ومنظمة في خليط خاص، دون أن يترافق مع تعديلات تتناسب وتلك المهام.
في غياب دستور دولة فلسطين، هل يكون ميثاق منظمة التحرير هو "البديل القانوني"، رغم كل ما به من غموض، وما قد يفرض من إشكالية سياسية.
إرباك المشهد الداخلي المؤسساتي الفلسطيني، مع الإرباك "القانوني الموازي" يتطلب العمل سريعا جدا من أجل تشكيل "لجنة قانونية – سياسية" لوضع آلية تسمية الرئيس وانتخابه، رغم ما يعتريها من "عوار" بحكم غياب المؤسسة المكلفة بذلك، نظرا للتشابك القائم، بين "سلطة، دولة ومنظمة".
تحديد آلية تعيين الرئيس أو انتخابه في حالة شغور المنصب، عملية ملحة حماية للكيانية الوطنية في ظل التشابك القانوني – السياسي، دون خضوع لابتزاز العاطفة او النفاق..فلسطين فوق الجميع كل الجميع.
ملاحظة: بعض الكلامنجية من خارج قطاع غزة (فصائل وأفراد)، الرافضين لأي انتقاد يخص ممارسات حماس غير الإنسانية ضد أهل القطاع..طيب شو الحل لما عصابات بإشراف قواتها تفرض "خاوات مالية" على الناس..كمان هاي "مقاومة" يا "مقاومين" الحقيقة.
تنويه خاص: مفارقة غريبة..بنت زوج مرشحة الحزب الديمقراطي هاريس اليهودي، تبرعت لأطفال غزة وضد حرب دولة الكيان على القطاع.. إيلا الإنسانة هل تواصل انسانيتها الشجاعة..أم تلبد وتقلك بلاش تخرب على فرصة أبوها ليصير "رجل في البيت الأبيض"..بدها شوي تعب يا فلسطينية..