بقلم: جدعون ليفي
شكراً لك أيتها المستشارة الألمانية، انغيلا ميركل. لقد أثبتتْ من جديد أن الاحتلال الاسرائيلي يمكنه الاعتماد عليها بعيون مغمضة: ألمانيا لن تقف أبدا في وجه الاحتلال، ولن تضع عليه القيود، بل ستستمر في تمويله وتسليحه لأن ألمانيا ايضا في جيب اسرائيل.
«هذا ليس هو الوقت لخطوات كبيرة»، قالت أمام ضيفها بنيامين نتنياهو. حل الدولتين تأجل من جديد الى موعد غير معروف. أما الغواصات فهذا هو وقتها. خطوات للسلام، لا. بل وحتى خطوات صغيرة للديمقراطية: نتنياهو لن يستجيب لطلب صغير من المرأة الحديدية الألمانية بعدم اعتماد قانون الجمعيات.
تحب إسرائيل الحصول على غواصات، لكنها لا تحب دفع ثمنها ولو بمبادرة حسن نية. ستقول ميركل مرة اخرى إن هذا مطر وليس بصقة. قد تكون هي مرعبة لاوروبا، ولكن اسرائيل هي المرعبة لها. ألمانيا تحمل دينا تاريخيا ثقيلا للشعب اليهودي. وهي تحمل ايضا دينا غير مباشر للشعب الفلسطيني، حيث إن اسرائيل أقيمت في أعقاب الكارثة على خرائب ارض هذا الشعب. عندما تقوم ميركل باعفاء نتنياهو من المسؤولية المباشرة عن إنهاء الاحتلال، فإنها تخون التزامها لاسرائيل.
وعندما تقول للفلسطينيين إن عليهم الاستمرار في العيش تحت الاحتلال فإنها تخون التزامها للفلسطينيين. ميركل أثبتت أنها شخصية سياسية فذة، حيث اتخذت قرارات جريئة فيما يتعلق باللاجئين الذين تدفقوا الى اوروبا. إنها زعيمة القوة والرسالة لأوروبا. ولكن عندما يتعلق الامر باسرائيل فان قامتها تتقزم. «هذا ليس الوقت من اجل خطوات كبيرة».
إنها تقلد بذلك أحد السياسيين الصغار وهو اسحق هرتسوغ. متى، إذاً، حسب رأي المستشارة، سيحين الوقت؟ بعد عام؟ بعد خمسين عاما؟ وما الذي سيتغير حسب رأيها ويسمح بـ»الخطوات الكبيرة»؟ هل ستتطوع اسرائيل وتتنازل برغبتها عن الاحتلال؟ أم يتنازل الفلسطينيون عن حقهم؟ عن نضالهم؟ وكيف يمكن مطالبة الفلسطينيين الاستمرار بالعيش تحت الاحتلال؟. في الوقت الحالي تقوم اسرائيل بهدم المزيد والمزيد من بيوت الفلسطينيين، وتبني المزيد من البيوت للاسرائيليين في «المناطق». اسرائيل تتحول الى اكثر قومية ومتطرفة ويمينية.
والفلسطينيون يكرهون أكثر فأكثر. والمستشارة تطالب بالانتظار. كان من الافضل أن تقول الحقيقة وهي أن اسرائيل لا تنوي وضع حد للاحتلال. أيها الفلسطينيون انسوا موضوع الدولة. اسرائيل قوية جدا والمستوطنون كثيرون، والعالم لا يبالي. وأنتم بقيتم مع مصيركم. تتملص ميركل من الحقيقة وتقوم بتشويشها. إنها بحاجة الى المزيد من الوقت، لكن الفلسطينيين في الجيل الثالث، لا يوجد لديهم وقت. يقولون لهم منذ خمسين سنة إنه لم يحن الوقت لتحررهم.
إن من يقولون ذلك يعتبرون اصدقاء اسرائيل. لكنهم أكبر أعدائنا. فهم من سيسمحون باستمرار الوضع الراهن. إنهم يسمحون لاسرائيل بفعل ما تشاء ويشجعون الفلسطينيين على الاستمرار في العنف. لأنه لا توجد أمامهم طريقة اخرى. هذا يُسمى صداقة اسرائيل، لكن هذه لاسامية جديدة، اعطاء إذن شامل لدولة اسرائيل بأن تدير ظهرها للقانون الدولي والعدل. تقديم الغطاء لها وتمويلها وتسليحها وفي الوقت ذاته المشاركة في التعدي على حقوق الانسان وحقوق الشعب الذي لا يقل سامية، الشعب الفلسطيني، هو نوع من اللاسامية.
اللاسامية الجديدة هي اعطاء اسرائيل فرصة التدهور في الطريق التي اختارتها وعدم منعها. اللاسامية الجديدة هي تجاهل ضائقة الفلسطينيين الذين ليس لديهم وقت آخر باستثناء الحاضر من اجل التحرر من قيودهم، وليس الفهم أنه لا يحق لهم العيش خمسين سنة اخرى تحت سيطرة اسرائيل، وليس الاعتراف بأن اوروبا، وعلى رأسها ألمانيا، تعمل من أجلهم خصوصا بسبب الماضي الذي يلاحق. كنا نتوقع من ميركل أن تفهم ذلك.
عن «هآرتس» -