بقلم: يوسي كوبرفاسر
شيئاً فشيئاً يعي اليسار - الوسط في اسرائيل ويستيقظ من حلم الشريك الفلسطيني. الكثير من زعمائه ومنظريه اعترفوا أنه لا يوجد شريك حقيقي للسلام. ومع ذلك هم يستمرون في اتهام اسرائيل بالطريق المسدود الذي وصلت اليه العملية السياسية.
وما زال الباقون لا يُسلمون بالواقع مثل رئيس حزب العمل، اسحق هرتسوغ. في انتقاده لمقال نشرته في «هآرتس» في 12 كانون الاول، يتمسك ماتي شتاينبرغ بقرون المذبح. في محاولة للدفاع عن موقفه كشف شتاينبرغ أنه يمكن تشويه رسائل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مستخدماً الخطاب الذي ألقاه في بيت لحم.
صحيح أن عباس لم يذكر بوضوح «حق العودة»، لكنه قال إن الفلسطينيين مصممون على تحقيق جميع الحقوق الفلسطينية، الأمر ومن بينها حق العودة، وأن الاتفاق يجب أن يستند الى «مبادرة السلام العربية».
في أساس مبادرة السلام هناك مطالبة بحل عادل متفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الامم المتحدة 194 الذي يستمد منه الفلسطينيون «حق العودة». والقول إنه لن يتم دمج اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية اذا لم يرغبوا في ذلك. لذلك فان الاعتراف بـ»حق العودة» سيؤدي الى تطبيقه في اسرائيل.
وهذا هو أحد الاسباب التي يرفض بسببها عباس الاعتراف باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. يفضل الحالمون تجاهل الطريقة التي يفهم الفلسطينيون فيها اقوال عباس. إنهم يمتنعون عن ذكر رفضه التنديد بالعمليات ولا يتحدثون عن استضافته لعائلات منفذي العمليات الاخيرة، الذين لم تتم اعادة جثامينهم، حيث سمى أبناءهم بالشهداء.
وهم يصمون آذانهم عن سماع تأييده لموجة العمليات الحالية. من الجيد أن تعيش في حلم، لكن عدم الاستيقاظ في ذروة موجة «ارهاب» ضدك. لديهم قدرة خاصة على الانكار. ونظرا لأن خيار الاعتراف بالواقع بكل تعقيداته وأنه ليس هناك حلول سحرية، هو كفر بالجوهر، فانهم يستبدلون بالحلم هذيانا جديدا – قديما هو الانفصال. هذا الهذيان يباع بشكل لا بأس به رغم الخطر الذي يحمله.
لا توجد أي نية للفلسطينيين للانفصال؛ لأن صراعهم هو ضد الصهيونية وليس فقط ضد احتلال 1967. هدفهم هو مناطق الـ 1948 وهذا هو سبب استمرار «الارهاب» من غزة بعد الانفصال عنها ايضا. إذا تم استكمال بناء الجدار الفاصل بناء على فكرة الانفصال ستنقل عدة احياء في القدس للمسؤولية الفلسطينية. فهل ستتغير أهدافهم؟ واذا تم نقل عدد من المستوطنات الى الكتل الاستيطانية الكبيرة واستمر الجيش بالعمل في كل مكان، فهل سيؤدي ذلك الى وقف «الارهاب»؟ ليس فقط أن «الإرهاب» سيزداد لأنه حصل على دفعة وسيصبح أسهل تنفيذ العمليات، بل لأن اسرائيل ايضا ستتنازل عن مطالبها وسيستمر العالم في النظر إليها كدولة محتلة.
ما هو المنطق وراء التنازلات الكامنة في الانفصال وتوقع مساهمة اقليمية في ذروة الاحداث الاقليمية التي تقوي المتطرفين؟ هل في اطار الانفصال سيتوقف دخول العمال الفلسطينيين الى إسرائيل؟ وماذا عن «عرب اسرائيل» الذين يعتبر الكثير منهم أنفسهم اسرائيليين وأبناء للشعب الفلسطيني؟ يجب علينا قراءة الواقع بشكل صحيح. نحن الاسرائيليين نأمل بسلام حقيقي يستند الى مبدأ تقسيم الوطن الى دولتين مع الاعتراف المتبادل ومع ترتيبات امنية مناسبة.
في المقابل، أغلبية الفلسطينيين الذين ينفون وجود الشعب اليهودي أو أي صلة يهودية بـ»ارض اسرائيل»، يعتبرونه صراعاً على الوجود يهدف الى تحقيق اهدافهم القومية والقضاء على الصهيونية. حسب موقفهم، في المرحلة الاولى تقام دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدس، وستستمر في السعي لفرض السيادة الفلسطينية في حيفا ويافا. هذا ما قاله عباس لمحرر وكالة أنباء «معا». هذه الرسالة التي يمكن استخلاصها من اقواله ومواقفه وايضا من مواقف «حماس» وباقي التنظيمات المتطرفة. يغنون في اسرائيل للسلام، أما في نابلس فيغنون لعودة جيش محمد للقضاء على اليهود كما قضى على يهود خيبر.
المشكلة الاصعب بالنسبة لنا هي كيفية انهاء التوتر بين الحاجة الى الدفاع عن أنفسنا وبين استمرار جهدنا في خلق الظروف التي تسمح باحلال السلام الحقيقي في المستقبل وبين التزامنا الاخلاقي وسعينا الى التمييز بين من لهم صلة بالعمليات وبين من ليست لهم صلة بشكل يسمح لنا ولهم في الاستمرار بروتين الحياة المعقول.
من اجل نجاح ذلك علينا أن ننقل مواقفنا للعالم من اجل الضغط على كل الفلسطينيين وليس فقط «المخربين» ومحيطهم القريب، بل ايضا قيادتهم التي تؤيد «الارهاب» والمسؤولة عن تشريب المواقف الفلسطينية التي تمنع التوصل الى الاتفاق. إن الالتزام الاول للسلطة الفلسطينية في «اوسلو» كان وقف «الارهاب». لماذا لا ينضم اليسار – الوسط الى حكومة الوحدة الوطنية حيث الاهداف والمواقف المشتركة، وبالتالي يساهم في الامن وفي الضغط على الفلسطينيين وتعزيز مكانة اسرائيل؟.
عن «هآرتس»