صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع – كتاب القدس: تجوال العين والروح" للكاتب تحسين يقين والذي وقع في (112) صفحة من القطع المتوسط، بالمشاركة مع الفنانة التشكيلية رانية العامودي التي قدمت لوحة الغلاف وسلسلة لوحات تعبيرية عن النص التجوالي.
"لم تمرّ حضارة إلا وتركت شيئا منها هنا: القباب والمآذن والسبل والمصاطب، والمساجد الصغيرة والكبيرة، وأماكن الوضوء، والمحاريب، والشجر والمرافق والخلوات والبوائك والآبار والمدارس والمكتبات والساحات والمشارب". ذلك اقتباس من مقدمة الكاتب تحسين يقين حاول فيه التعبير عما يرى ويشعر في القدس، من خلال كتابه.
"هي نصوص كتبتها تجمع ما بين اللغة السردية والبصرية، فيها التجوال وفيها التأمل، كتبتها خلال عقدين، ثمرة زياراتي للقدس وتسللي إليها..لعلّ نصوصي قصة حب حقيقية ورمزية في آن واحد.
يتابع الكاتب: "للقدس إغراءاتها، تبدأ بإغواء مخللات السوق لطفل صائم، ولا تنتهي بأمنية شيخ الإقامة في المغارة.. وفي العيون الزرقاء لامرأة تصلي في باب مسجد القبة..في الساحات، على المصاطب، نشرب الماء البارد من الأسبلة، نتفيأ بقبة المعراج حينا، وبقبة العشاق حينا آخر..وبظلال السرو العريقة، ونعلم الوقت من المزولة..سماع موعظة لشيخ، محراب مقرنصات وأذان..مساجد وكنائس..".
لقد تعامل الكاتب مع مدينة القدس من خلال كونها مدينة عادية وغير عادية، مدينة كسائر المدن والأمكنة لها جذبها الطبيعي لساكنيها وزوراها، ومدينة روحية لها جذبها الخاص، والمتعرضة للسلب والنفي والإقصاء من التاريخ. ولعل منحى الكاتب هو ما قرأته الكاتبة هدى الشوا في قدسها وقدس الكاتب أيضا في تقديمها للكتاب الذي حمل عنوان ""لكل منا قدسه..."، من " قدسي التي تبلورت في مراحل الطفولة، صورة لم ترتبط بالمقدّس أو بأجنحة ملائكية أو هالات نورانية، بل بمشوار يوم الجمعة من مدينتي غزة إلى القدس.. كان الوصول إلى القدس مرتبطا بمشاوير محددة: زيارة جدّي لطبيب الأسنان الدكتور الدبسي، بينما نتوجه نحن للسير والتسوق في شارع صلاح الدين، حيث كانت محلاته أكثر عددا وتنوعا من محلات غزة، ومن ثم الغذاء الشهي في فندق الوطني Nationalوالتجوال في باب العامود وأكل حلوى المطبّق في محل زلاطيمو"..إلى قدسها حيث "تتضخم الصورة وتحمل أثقالا تراكمت على مر السنين؛ فأصبحت أيقونة كونية ترزخ تحت أعباء أرضية وسماوية.." مستعرضة تجليات تلك الأعباء من خلال الكتب المقدسة وكتب التاريخ والمدونات واللوحات والقصائد والروايات والأخبار والخطابات ورجال الدين والمحللين والمشعوذين، إلى أن تقول "وأدركت أن كلً له نصيبه من الثقل الذي يحمّله المدينة، كلٌ له حلمه وأيقونته، كلٌ له قدسه".
من مرح سنوات الطفولة والمراهقة والشباب إلى سنوات النضج، هو ما قرأته الكاتبة الشوا في قدسها وقدس الكاتب يقين، وقدس المقيمين فيها والزوار، وهو ما ميز المضمون والشكل في الكتاب، حيث توازت رؤية المدينة العادية والروحية وتقاطعت في آن واحد، في سردية وصفية للمكان، والشعور برومانسية عاشقه، ويتجلى ذلك في قوله:"يلتقي شابان، يأكلان الكباب في سوق اللحامين..ويدخلان سينما القدس، ويتنزهان في شارع يافا، ويعودان إلى شارع صلاح الدين..ويدخلان باب الساهرة للصلاة في المسجد الأقصى..
وتمنى تحسين يقين في ظل حصار المدينة ومع الفلسطينيين من دخولها لو كان "يمامة إذن لتخلصت من السيف المسلط على حركتي، فأنا المولود في المدينة قبل 48 عاما أصبحت من منظور الغزاة وقوانينهم العنصرية غريبا غير مسموح له بالحضور إلى هنا". مختتما بحلمه ورؤيته للقدس: "لي قدسي: طفل، وفتى شاب، وكهل..ما زال يحلم أن يراها كما رآها الله، مدينة السلام.."
رسومات الكتاب:
أما عن رسومات الفنانة رانية العامودي فذكر الكاتب أنها عبارة عن استكشات إبداعية لامست عمق نصوص الكتاب، بما فيها النص الفانتازي الذي يتخيل القدس عام3000، فهي تشكل عنصرا رئيسيا من الكتاب.
وعن تجربتها ذكرت الفنانة رانية العامودي، بأن هذه أول تجربة لي لرسم كتاب تجوالات هو أقرب إلى نص ينتمي لأدب الرحلات. وأضافت بأن ما شجعها على المشاركة هو وصف الكاتب المفصل والدقيق للمدينة وأهلها، والطريق إليها. وودت لو أتيحت لها الفرصة بتلوين رسوماتها. والعامودي هي بالإضافة لكونها فنانة تشكيلية، فهي متخصصة في رسومات الأطفال وتنتج أفلام رسوم متحركة.