حمزة حماد
صحفي من شمال غزة، ومسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي
ان ما تقوم به إسرائيل من مجازر وجرائم حرب كبرى بحق المدنيين في قطاع غزة إزاء العدوان المُتواصل ترجمة واضحة للأفكار التي تتبناها حكومة التطرف والإرهاب في إسرائيل بقيادة الثلاثي (نتنياهو وسموتريتش وبن غفير)، ورسالة تحدي للقانون الدولي أمام استباحة الدم الفلسطيني وعمليات التطهير العرقي وسياسة الأرض المحروقة ضد أهالي القطاع.
فعلى مدار الصراع بين شعبنا الأعزل ودولة الإرهاب المنظم، استخدم الاحتلال رواية تضليلية تقوم على فكرة مُحاربة الإنسان الفلسطيني وتصفية وجوده على أرضه، وهذا ينسجم تمامًا مع خطته المُعلنة في حسم الصراع مع الفلسطينيين والسيطرة على الأرض بمقدراتها وثرواتها الطبيعية.
منذ بدء العدوان الهمجي واستخدام أساليب القتل والإعدام والتدمير والتجويع والتعطيش، بات واضحا الهدف الإسرائيلي من التعزيز لروايته التي تعتمد على الكذب والخداع وهذا ما شوهد على مدار شهور طويلة من حرب الإبادة التي حظيت بتأييد ودعم أمريكي، وصمت دولي، وسط محاولات يائسة في تجميل الصورة المفضوحة للإدارة الأمريكية التي أعطت إسرائيل الضوء الأخضر في ارتكاب المزيد من الجرائم واستعادة سياسة الاغتيال داخل وخارج غزة لزيادة الضغط على المقاومة من أجل الرضوخ والاستسلام لواقع جديد يحاول فرضه الاحتلال.
ما يجري في القطاع من إبادة وملاحقة للمدنيين في مراكز الإيواء وتعمد تكرار المشهد الدموي في أماكن الازدحام، أمرا تخطى مرحلة الحديث عن الانتهاك السافر للقوانين والأعراف الدولية كون أن إسرائيل لم تحترمها أو تلتزم بها في ظل دعايتها المسمومة. فانحياز المجتمع الغربي للاحتلال سيد الموقف عبر استخدام مصطلحات تضليلية وكأن هناك موازين قوى متكافئة وتضارب بعضها، فلا نجد تفسير لذلك سوى أن هناك هروب لهذه الدول من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية وتماهي مع الدعاية الإسرائيلية التي تروج وفق إستراتيجية تهدف للتحكم بالمعلومات التي تبثها، ووقف كل أشكال التضامن مع شعبنا والتصدي للإدانة الشعبية الواسعة للسلوك المُتطرف الذي تقدمه إسرائيل.
بالعودة لاستهداف الأماكن الآمنة (وفق ادعاءه)، أي قصف 172 مركزا للإيواء وارتقاء أكثر من 1040 شهيدا، نجد أن عناصر رواية الاحتلال تساقطت كأوراق الشجر أمام الشواهد والوقائع الميدانية التي نشهدها يوميًا من شمال القطاع حتى جنوبه، لذلك تبقى مزاعمه باطلة وهذا لوحظ في أعقاب إعلانه عن المرحلة الثالثة للحرب على غزة "وفق وصفه" التي قال فيها: "إنه سيعمل على تصفية المقاومين ومنع إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة".
فرغم مرور 303 يوم على حرب الإبادة واستشهاد أكثر من 39 ألفا، إلا أن إسرائيل تواصل تبريراتها تجاه قصف المدنيين بحجة أنها تدافع عن نفسها أمام عمل المقاومة المُشرع دوليًا، في سبيل تحقيق أهداف شعبنا التي تنكرت إليها إسرائيل في الحرية والعودة وتقرير المصير.
لذلك لا بد من صحوة عالمية لوقف الإبادة ومواجهة رواية الاحتلال وسلوكه الإرهابي تجاه المدنيين والقائم على فكرة القتل والإبادة، والحث على عدم التسرع في الترويج للأكاذيب الإسرائيلية بإنشاء إستراتيجية شاملة للإعلام العربي أولا، ومأسسة الفعل الفلسطيني في أروقة المجتمع العربي والغربي، واتباع أفكار مُتجددة ومقاومة لاستراتجية "الدبلوماسية العامة" التي يتبعها الاحتلال لحماية روايتنا من التحريف والتزييف، ووقف محاولات تشويه نضالنا الوطني، وهذا كله يقود إلى هدف واحد وهو تشكيل رأي دولي مناصر يخدم القضية الفلسطينية.