المرشح الأبرز لخلافة إسماعيل هنية

12186733854103033878288738327036.jpg
حجم الخط

وكالة خبر

 أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تساؤلات حول من سيخلفه في منصبه الذي يُعدُّ رأس الهرم القيادي في الحركة، مع تحديات متزايدة واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 300 يوم، خاصة أن حماس تتصدر مشهد الحرب والمفاوضات، ما يجعل سرعة ملء الفراغ أمرًا ملحًا.

وكانت لحماس تجارب أثبتت فيها قدرتها على امتصاص الصدمة الأولى بعد اغتيال أي قيادي فيها يدير مركزًا حساسًا، آخرها اختيار زاهر جبّارين مسيّرًا لأعمال رئاسة إقليم الضفة الغربية في حماس، خلفًا للقيادي صالح العاروري الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية في بيروت، يوم 2 يناير 2023.

وعلى النقيض من حالة التعويض عن العاروري، فإنه لا يصحّ أن يكون رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مسيّرًا للأعمال وفق النظام الداخلي للحركة، ما يعني أن رئيس مكتبها القادم سيرأس دورة انتخابية مدّتها 4 سنوات، ومن المتوقع أن يعلن عنه خلال الـ 48 ساعة القادمة، بحسب مصادر خاصة.

ووفق المصادر، فإنه "بعد تحديد مجموعة من الأسماء من قبل مجلس شورى الحركة (عددهم 51)، تُجرى عملية تصويت، والشخص الأعلى حصولًا على الأصوات يتم تعيينه رئيسًا، ويقوم هو بتحديد اسم نائبه في رئاسة الحركة".

وتجري الآن عملية انتخاب رئيس الحركة وفق اللوائح الداخلية المعمول بها والتي لم تنشر عبر قنوات الحركة الإعلامية الرسمية، حيث تحافظ حماس على سرّية تامة، لهذه اللوائح ولا تعتبرها قابلة للتداول أو التسريب.

غير أن المؤكد في هذا السياق، وفق مصادر مقرّبة من الحركة تحدثت، أنه لا يمكن سدّ أي فراغ قيادي دون إقرار من مجلس الشورى العام، الذي اجتمع يوم السبت، وتباحث حول من سيخلف الشهيد إسماعيل هنية.

ويرأس مجلس الشورى العام لحركة حماس، قياديٌ يعرف بـ "أبو عمر حسن"، ويُعدُّ مجلس الشورى من أعلى هيئات الحركة، فهو الذي يُعيّن ويُنسب إدارة الملفات، إذ يضم شخصيات قيادية من أقاليم الحركة الثلاثة "قطاع غزة، والضفة الغربية، والخارج" في أعلى إطار قيادي، المعروف بـ "المكتب التنفيذي" الذي يضم 18 قياديًا من المكتب السياسي.

ومن ضمن السيناريوهات المتوقعة، أن يكون لمجلس الشورى الدور الأساسي في تسيير الأعمال إلى حين اختيار قيادي يدير المكتب السياسي للحركة، أو إلى حين الإعلان عن اسمه.

وتسعى حماس اليوم لإيجاد بديلٍ يرأس المكتب السياسي، وسط أشدّ الظروف صعوبة منذ نشأتها، إذ تخوض الحركة حرب "كسر عظم" منذ السابع من أكتوبر، بالإضافة إلى أن رئيس الحركة القادم أو مسيّر الأعمال عليه أن يكمل إدارة ملفات مهمّة، من إدارة الحرب والمفاوضات والتنسيق بين حماس غزة والخارج، وصولًا إلى العلاقة والتنسيق مع امتدادات حماس الإقليمية.

وبدأت الحركة مشاوراتها الداخلية بشكل مباشر عقب اغتيال هنية لاختيار رئيسٍ جديد، وأصدرت أمس بيانًا، جاء فيه: "تداعى المكتب السياسي لحركة حماس وهيئة مجلس شوراها، إلى اجتماعات عاجلة سادتها المعاني الإيمانية والأخوية، وباشرت قيادة الحركة بإجراء عملية تشاور واسعة في مؤسساتها القيادية والشورية لاختيار رئيس جديد للحركة".

وأضاف البيان، "إن مؤسسات الحركة التنفيذية وأطرها الشورية تواصل أعمالها، ولديها الآليات الفاعلة والعملية لاستمرار مسيرة المقاومة في أصعب الظروف، وستبادر الحركة إلى الإعلان عن نتائج مشاوراتها حال الانتهاء منها".

ويشبه الظرف الحالي الذي تمرّ بها حماس، ذات المشهد الذي حصل عام 2004، عندما اغتالت إسرائيل قادة الحركة، وعلى رأسهم المؤسس أحمد ياسين، وخلفه في الاغتيال بعد شهر عبد العزيز الرنتيسي، حينها اضطرت حماس إلى إخفاء شخصية من ترأس الحركة في غزة إلى حين انتخاب إسماعيل هنية عام 2007 رئيسًا لوزراء الحكومة الفلسطينية العاشرة، علمًا أنه في ذلك الوقت كان خالد مشعل يشغل رئاسة المكتب السياسي للحركة، بينما كان نزار عوض الله رئيسًا للحركة في غزة، بشكلٍ مؤقت خلفًا لهنية. ولذا يمكن أن تلجأ الحركة إلى هذا السيناريو بأن يكون رئيس الحركة مسيّرًا للأعمال لكن دون إعلان؛ لدواعٍ أمنية، إلا أن هذا الخيّار قد لا يكون الأرجح، نظرًا لطبيعة مهام رئاسة المكتب السياسي.

من يخلف هنية؟

يرى مراقبون أن قادة أقاليم الحركة هم أبرز المرشحين لتسيير أعمال الرئاسة وفق النظام الداخلي لها، وهما "خالد مشعل من إقليم الخارج، ويحيى السنوار من إقليم غزة" باعتبارهما نواب رئيس المكتب السياسي، لكن ذلك قد يصطدم بغياب علاقات مشعل مع إيران وحزب الله، وغياب السنوار عن ساحة الخارج، ما يرشّح اسم خليل الحية كأبرز الأسماء، وفق تقديرات عدة.

وقد لا تحظى كلّ هذه الأسماء بمهمة تسيير أعمال رئاسة الحركة، حيث أنه ليس مستبعدًا أن تتجه الحركة إلى فرز أسماء قيادية جديدة، إذ إن الإطار القيادي لحماس فيه عدة أسماء نشطة ولها تاريخ في إدارة الحركة، إلا أن مصدرًا مقربًا من حماس يؤكد أن هذا السيناريو مستبعدٌ نظرًا لضرورة الحاجة إلى رجلٍ يملك خبرة وباعًا طويلًا في المكتب السياسي.

ولا تبدو حماس معنية بنشر آليات تداول مركز قائد الحركة ومن يخلفه حال فراغه، إذ يؤكد قياديٌ من الحركة، وجود نظام يضبط تسيير أعمال المكتب السياسي لحماس إلى حين انعقاد مجلس الشورى للحركة، بما يضمن عدم حصول فراغ قيادي، وذلك لتثبيت وقت مؤقت لا يتحول إلى دائم، قبل أن تتخذ الحركة قرارها بمن يرأسها لدورة قادمة، وفق ما تنص عليه اللوائح الداخلية الشورية والانتخابية، لتثبت قياديًا بصلاحيات كاملة.

وبالنظر إلى المعطيات المذكورة، فإن الأسماء التي من الممكن أن تقود الحركة مرحليًا إلى حين انتهاء الدورة الانتخابية الحالية في مارس من العام المقبل، محدودة نوعًا ما، رغم وجود شخصيات قيادية بارزة، وترجيحات تدور حول: خليل الحية، وخالد مشعل، ويحيى السنوار، ونزار عوض الله، وموسى أبو مرزوق.

خليل الحيّة

من أبرز الأسماء المرشّحة لخلافة هنية، يبلغ من العمر (64 عامًا)، ويدير أهم الملفات في هذه المرحلة، وهو ملف التفاوض بشأن وقف العدوان على غزة، كما أنه يرأس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، وهو من الدائرة الضّيقة المقرّبة جدًا من رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، إذ يشغل منصب نائب رئيس الحركة في قطاع غزة.

ويحظى خليل الحيّة بقبول واسع داخل حركة حماس، ويُعدُّ عنوانًا مقبولًا أمام حلفائها الإقليميين المرتبطين بإيران، حيث مثّل الحركة في لقاءات عديدة مع أمين عام حزب الله، حسن نصر الله (وقاد آخر وفد للقاء نصر الله في مطلع يوليو)، بالإضافة لزيارات رسمية في إيران (وكان آخرها رفقة هنية)، وتركيا، وللنظام السوري.

وبدا لافتّا أن خليل الحية هو الذي أمّ صلاة الجنازة على إسماعيل هنية، وربما تحمل هذه الإشارة دلالة رمزية لدى حماس باعتبارها حركة إسلامية، بأنه من أبرز الأسماء المرشحة. كما أنه قدم التعزية باسم الحركة لزوجة إسماعيل هنية. وتعرض خليل الحية لمحاولة اغتيال استهدفت منزله، في 21 يوليو 2014، وارتقى على إثرها 19 فردًا من عائلته.

وأصبح خليل الحية عضوًا في المجلس التشريعي في عام 2006، بعد ترشحه ضمن قائمة "التغيير والإصلاح"، وهي قائمة حركة حماس للانتخابات التشريعية حينها.

خالد مشعل
أحد القادة التاريخيين لحركة حماس، ومن الرعيل المؤسس فيها، وشغل منصب رئيس المكتب السياسي للحركة منذ عام 1996 وحتى شهر أيار/مايو 2017، ثمّ في عام 2021 انتخب رئيسًا لإقليم الحركة في الخارج، ويبلغ من العمر (68 عامًا).

في حين أن خالد مشعل له علاقات جيدة مع قطر وتركيا، فإنه من جهة أخرى لا يوجد أي تقارب بين الرجل وحلفاء الحركة الإقليميين في السنوات الماضية بعد إعادة العلاقة مع النظام السوري، سواء حزب الله أو إيران، حيث لم يشارك ضمن الوفود التي التقت الطرفين منذ موقف حماس الداعم للثورة السورية ما بين عامي (2013-2017). وهو ما يعقّد احتمالية اختياره رئيسًا للمكتب السياسي، في ظلّ الظروف الحالية التي يحتل فيها التنسيق مع هذه الأطراف مكانة مرتفعة في سلوك الحركة السياسي، عدا عن كون مشعل بعيدًا عن تصدر المشهد القيادي منذ 7 سنوات، إلا أنه ضمن دوائر صنع القرار.

ونجا خالد مشعل في 25 أيلول/سبتمبر 1997 من محاولة اغتيال شهيرة على أيدي عناصر الموساد الإسرائيلي في الأردن، ودخل حينها في حالة صحية خطيرة قبل أن يتماثل للشفاء بعد حصوله على العلاج اللازم ضمن صفقة بين الأردن وإسرائيل.

موسى أبو مرزوق

أول رئيس للمكتب السياسي في حماس، إذ انتخب عام 1992، وبقي في المنصب حتى عام 1996، عندما اعتقل في الولايات المتحدة الأميركية، ثم أصبح نائبًا لرئيس المكتب نحو 18 عامًا، ويرأس اليوم مكتب العلاقات الدولية في الحركة، إلى جانب أنه نائب رئيس المكتب التنفيذي للحركة، ونائب مشعل بصفته رئيس إقليم الخارج.
عاش موسى أبو مرزوق الذي يبلغ من العمر (73 عامًا) معظم حياته خارج فلسطين، ما يجعله مطلعًا على تفاصيل علاقات حماس الخارجية. ويدير أبو مرزوق ملفًا حققت فيه الحركة اختراقات ناجحة في السنوات الماضية، خاصة على صعيد توطيد العلاقات مع روسيا، وتأسيسها مع الصين، ما يجعله بحكم وجوده في الخارج، ضمن أبرز الأسماء المرشحة.

تنقل موسى أبو مرزوق في عمله التنظيمي بين الولايات المتحدة، والإمارات، والأردن وسوريا، والآن في قطر، وكانت له إسهامات في بناء مؤسسات جديدة داخل الحركة، وجمع التبرعات لها، كما يطرح اسمه في كلّ مرة لانتخابات المكتب السياسي، لكن لا مؤشرات على وجود نيّة له في تصدر المشهد.

يحيى السنوار
يوصف برجل حماس القوي، فهو يمسك بزمام أمور التنظيم في قطاع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي وهدف نتنياهو المعلن "القضاء على حركة حماس عسكريًا وحكوميًا". يبلغ يحيى السنوار من العمر (61 عامًا)، وهو رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة منذ عام 2017. أسس في وقت سابق من انطلاق الحركة وبعدها، الجهاز الأمني الذي عرف باسم "مجد".

قضى يحيى السنوار 23 عامًا في سجون الاحتلال، وأفرج عنه في صفقة شاليط عام 2011، وكان قبل الإفراج عنه في مركز رئيس الهيئة القيادية العليا للحركة في السجون، ومشاركًا رئيسًا في مفاوضات الصفقة، ثم فور تحرره انتخب في المكتب السياسي، وكان ممثل المجلس العسكري في المكتب التنفيذي، وتدرج إلى أن وصل إلى رئاسة الحركة في غزة، ويعرف بأنه يحمل سياسة "صارمة" في كل القضايا المتعلّقة بالحركة داخليًا أو خارجيًا أو في علاقاتها مع محيطها.

خلال رئاسته للحركة، أعادت حماس علاقتها الوطيدة مع إيران وحزب الله، بالإضافة إلى موقفه المعلن بخصوص التقرب من النظام السوري، كما زاد يحيى السنوار الميزانية المالية للمجلس العسكري، في سبيل تطوير خطط المواجهة مع الاحتلال، كما يتهمه الاحتلال بأنه من الشخصيات الأساسية وراء عملية 7 أكتوبر.

نزار عوض الله
هو المنافس الأبرز ليحيى السنوار خلال انتخابات الحركة الداخلية عام 2017، حيث نافسه مرتين، وتساوى معه في الأصوات الانتخابية، قبل أن يحسم السنوار الجولة الثالثة من الانتخابات، كما أنه عضو في المكتب السياسي منذ نحو 15 عامًا، ويحظى بشعبية واسعة داخل قطاع غزة.

ما يزيد حظوظ اختيار نزار عوض الله مسيّرًا للأعمال، هو وجوده في الخارج مع كونه محسوبًا على مكتب قطاع غزة السياسي، ما يجعله حلقة وصل بين الداخل والخارج، كما أنه أمين سرّ المكتب التنفيذي للحركة.

كانت لدى نزار عوض الله تجربة سابقة في رئاسة مكتب الحركة السياسي في قطاع غزة عام 2006، التي تُعد مرحلة حساسة، وقعت خلالها أحداث 2006-2007 التي سيطرت خلالها حماس على مقاليد السلطة في غزة بعد صراع عسكري، كما تم خلالها أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. ونزار عوض الله من الشخصيات السياسية المقبولة لدى المجلس العسكري في القسّام.

ومن المرشحين لخلافة إسماعيل هنية أيضًا، زاهر جبّارين، لكن انشغاله في تسيير أعمال إقليم الضفة خلفًا لصالح العاروري، يجعل اسمه بعيدًا عن تكليفه بتسيير أعمال ملفٍ آخر رغم ما يملكه من علاقات مع حزب الله في لبنان، وقادة إيران السياسيين، ومن أقرب الشخصيات في العمل التنظيمي والسياسي مع الشهيد هنية، وهو أسير محرر في صفقة شاليط، ما جعله قياديًا مقرّبًا من قيادة غزة في الحركة.

 

المصدر: "البوابة 24"