لكل حدث مفصلي استحقاقات مباشرة وغير مباشرة، سريعة وبطيئة، واضحة وخفية، وعلى المعنيين قراءتها، المفكرون منهم يستنبطونها، أما الأغبياء فيعاندونها .
اختيار السنوار رئيساً لحماس خلفا للشهيد إسماعيل هنية، حدث مفصلي، في حركة مفصلية بعد صمودها الأسطوري لعشرة أشهر، هي الحرب الأطول في تاريخ الصراع مع دولة إسرائيل، وعليه يتوجب علينا استباط بعض من استحقاقات هذا الاختيار. وحتى نتحاشى المغالاة – الضارة دوما وفق غورباتشوف – دعونا نطلق عليها استحقاقات افتراضية.
إقدام قادة حماس على اختيار السنوار، حتى لو لم يكن بالإجماع، ينهي بشكل قاطع تقريباً موضوع الرهانات على شق محور المقاومة بقيادة إيران الشيعية. هل هذا الاختيار سيحول حماس السنية إلى شيعية؟ بالطبع لا، لكن سيحسمها حركة مقاومة تحررية أكثر بكثير من أنها حركة "إخوانية" . ستخبو الأصوات داخلها التي ناهضت سوريا في محنتها، الذين وصفهم الرئيس بشار الأسد بأنهم "تعاطوا معنا كما لو أننا فندق، غادروه لمجرد أن نقصت خدماته، واختاروا فندقا آخر".
لقد قررت حماس بهذا الاختيار أن ترتقي إلى مستوى تضحيات الشعب، بدمه وجوعه وألمه ونزوحه وعذابه، وهي بهذا الارتقاء الانحيازي، أو بهذا الانحياز الارتقائي، لتضحيات الشعب في زمن قياسي، أرادت أن تقول لبقية مكونات الشعب، أن عليكم أنتم أيضاً الانحياز والارتقاء إلى ما ارتقينا إليه وما انحزنا إليه. إن هذا الكلام/ الفعل، موجه بالأساس إلى منظمة التحرير بقيادة حركة فتح، بما مثلت في الماضي غير السحيق للنهوض بالمهمات الجديدة والمسؤوليات الجسيمة لما تبقى من الطريق التي ما تزال طويلة. النهوض بالمنظمة كي تظل قولاً وفعلاً ممثلة لكل أبناء الشعب، وتطلعاته في الحرية والعودة وتقرير المصير. ما دون ذلك، فنحن زاعمون كما أنتم زاعمون، والمنظمة ليست حكراً عليكم ولا علينا، وإذا كانت فعلياً هي ممثلة الشعب، فأعطوا هذا الشعب، ولو لمرة واحدة، فرصة الحق في اختيار من يمثله .
لأكثر من سبب، سيعاند الهامشيون في المنظمة، هذه الاستحقاقات الخيالية السخيفة، ومن أن هذه الحركة عدمية تكفيرية انقلابية بأجندات خارجية، لن ينتصر السنوار في هذه الحرب، وإذا ما انتصر، تكون أمريكا هي من سمحت له بالانتصار، لكن إسرائيل سرعان ما تجتث رأسه كما فعلت مع من سبقه . إنها يا سادة العالم والعرب وهوامش المنظمة، مجرد استحقاقات افتراضية رياضية، لانتصار افتراضي ، لزعيم افتراضي، قد يقتل غداً، لكنه آمن فعلياً بانتصار انتفاض الدم على السيف، والكف عندما ناطحت المخرز.