بقلم: اليكس فيشمان
مثلما في كل سنة، في العام 2016 أيضا يستعد الجيش لجولة عنيفة أخرى في غزة في الصيف.
وحدد رئيس الاركان تاريخا هدفا لجاهزية الجيش، ويركز الجميع على انهاء الخطط وسد الثغرات في العتاد والتدريب. لا أحد يعلم التوقيت أو السبب المباشر للاشتعال، ولكن من الواضح للجميع أن الطقوس شبه السنوية واجبة الواقع، وهذا ليس مجرد نمط تفكير اسرائيلي.
سكان غزة، الذين يخرجون من القطاع ويلتقون الاسرائيليين، يتركون الانطباع بأن هذا الاحساس المميت يسود في الطرف الآخر أيضا.
من ناحيتهم، المواجهة العسكرية مؤكدة، كما أنهم يؤمنون بأنها ستكون أكثر عنفاً بكثير، وأن اسرائيل ملت ألاعيب «حماس»، وأنها ستفعل كل شيء كي تصفيها، بينما ستفاجئ «حماس» اسرائيل بقوى نارية وإصابة للسكان المدنيين في محاولة لتحطيم الوضع الراهن والحصار.
وعندما تكون المجموعتان السكانيتان مقتنعتين بأن هذا ما سيحصل فان القيادات لن تخيب الأمل.
ولكن يبدو أن القيادتين قد تكونان في الجولة الآخذة في النضوج متفاجئتين، لأنهما لن تسيطرا على الاحداث.
من المعقول أكثر الا تندلع المواجهة بسبب خطأ، استفزاز، أو خطوة عسكرية مخططة يقبع خلفها منطق سياسي.
هناك احتمال عالٍ بأن شدة المواجهة وتوقيتها سيقرره سكان غزة الذين سينفجرون في وجه «حماس»، وهذا سينتقل إلينا، إلى المناطق، والى مصر على حد سواء.
لقد أصبحت غزة مختبرا بشرياً تفحص فيه كل يوم نقطة انكسار السكان.
في اسرائيل يكثرون من وصف أزمة البنى التحتية في القطاع – الكهرباء، الماء، المجاري.
هذه هي الزينة فقط، فالسكان في غزة يتحطمون، كمية حالات الانتحار غير مسبوقة، عدد حالات القتل داخل العائلة آخذ في الازدياد (ثمة مثلا ظاهرة النساء اللواتي يطعنّ ازواجهن العاطلين عن العمل).
كل مواطن ثالث يستخدم ادوية العلاج النفسي والذهني، هناك ارتفاع في تعاطي المخدرات وزيادة في حجم الجريمة، ولا سيما البغاء، وهناك ظاهرة أليمة لفتيات يتزوجن شيوخاً يمكنهم أن يعيلوهن، كزوجة ثانية أو ثالثة.
من جهة اخرى، لا يوجد مال، والشباب يتزوجون أقل، وسن الزواج يرتفع.
السلطة الفلسطينية، المسؤولة عن نقل أموال التبرعات، لا تنقل إلى غزة الاموال للصحة والتعليم بشكل منظم.
لا توجد في غزة خدمات نفسية مناسبة، هناك ارتفاع في عدد المواليد المشوهة، والذي يعزى لارتفاع زواج القربى.
وفي ضوء ازمة اللاجئين العالمية، تتلقى وكالة الغوث مالا أقل، حيث إن عددا اقل من العائلات تنجح في الطوف فوق وجه الماء.
وفوق كل هذا يسود الخوف المشل من الهجوم الإسرائيلي. ليس أمام الغزيين مفر: ليس ثمة مكان يهربون إليه، وليس لهم تأثير على الاحداث، هم غاضبون من رجال «حماس» الذين حفروا لأنفسهم مدينة تحت الارض يختبئون فيها، في الوقت الذي ليس لديهم ملاجئ.
شبان القي القبض عليهم وهم يحاولون اجتياز الجدار لاسرائيل رووا بأنهم فعلوا ذلك لأنه لا يوجد ما يأكلونه في البيت.
بعضهم هرب بسبب عنف في العائلة، 50 في المئة من الشبان في غزة أعلنوا في استطلاعات مختلفة بأنهم يريدون الهجرة من القطاع إلى الأبد، وجنود الجيش الاسرائيلي شهود على الظاهرة: طلاب حصلوا على تصاريح عبور في ايرز، يخرجون من القطاع ويقبلون الأرض.
من ناحيتهم، فقد تحرروا من السجن، فكرة العودة انكسرت؛ دعوهم يهربون.
حتى منتصف 2015 كانت العائلات التي تمكنت من ذلك انصرفت عبر الانفاق الى مصر أو الى ليبيا، وبحثت عن سفينة الى اوروبا.
مئات الفلسطينيين غرقوا في هذا المسار، ونجح المصريون في التغلب على معظم الانفاق فأُغلق المسار.
اما الان فازداد عدد الاشخاص الذين يزوّرون شهادات مرض كي يخرجوا لتلقي العلاج في الضفة فلا يعودون.
بعض الاشخاص في غزة أحرقوا انفسهم احتجاجا، في تونس تسبب حدث كهذا باشتعال «الربيع العربي».
غزة هي الاخرى ستشتعل. صحيح أن السكان متدينون، تقليديون، يميلون اكثر للتسليم بمصيرهم، ولكن هنا ايضا امتلأ كأس السم.
عندما ستنفجر هذه العبوة الانسانية، لن يكون أي ردع. والشظايا ستنزل علينا جميعنا.
عن «يديعوت»