عملية أخرى من الأردن ، ستجعل سموترتش و بن غفير ، لا يكتفيان بمطالبة ضم الاغوار الى الدولة اليهودية ، بل بضم الأردن ، بعدها "بدون أردنيين" ، رغم ان البيان الرسمي الأردني قال عن ان منفذ العملية ماهر جازي الحويطي تصرف بشكل فردي من تلقاء نفسه . و إذا كان الامر كذلك فعليا ، فلماذا اعتقلت إسرائيل كل سائقي الشاحنات ، و لماذا امتدت إجراءاتها العقابية لتطول الشاحنات نفسها ، فتمنعها من الدخول الى منطقة الجسر حتى اشعار آخر . و إذا كان منفردا حقا ، فلماذا تخرج معان عن بكرتها تفاخر بابنها كشهيد و بطل ، ليس كأي شهيد و لا كأي بطل ، و معها مدن و أرياف و بادية في معظم مناحي الأردن ، و حين تنظر الى الامر متجاوزا الأردن الى جماهير الامتين العربية والإسلامية ، و في المقدمة منهم الشعب الفلسطيني ، موضوع هذه الحرب الابادية ، و الصمود الأسطوري في وجهها ، و انتصار الماهر الجازي الحويطي المعاني الأردني العربي ، فإنك تدرك انه ليس منفردا ، و مع الإقرار الرسمي العربي الدولي الإسرائيلي ، أنه كذلك ، فهل ينفع اطلاق اسم "مخرب" عليه او "إرهابي" ، و اطلاق اسم "هجوم" على ما قام به وحيدا بمسدس وحيد صناعة بيتية .
اما حين تسمع ان مقاتلي القسام الذين صنعوا معجزة الطوفان و قدموا عند مذبحها الاف الشهداء المقاتلين ، قد أدوا صلاة الغائب على روحه في مواقعهم و ثكناتهم ، تدرك انه ليس أي مقاتل ، و ليس أي شهيد ، و هي المرة الأولى التي نسمع عن شيء من هذا القبيل ، فهل يضيف الماهر الى عشرات الاف الشهداء أكثر من شهيد واحد ؟ نعم يضيف إضافة نوعية ، كما أضافت الشهيدة الامريكية التركية عائشة نور التي قنصها القناص الإسرائيلي في معمعانات الضفة الغربية ، و كم كان الشعب الأمريكي و الشعب التركي سيسعد و يفتخر بابنتهم شهيدة نوعية في سجل الشرف الفلسطيني النضالي الأممي على طريق الشهيدة راشيل كوري تحت أسنان الجرافة الإسرائيلية في رفح قبل نحو عشرين سنة .
على قيادة الثورة الواعدة بالنصر ، ان تحفظ دماء الشهداء النوعيين الذين اقتحموا ميادين المجابهة ، و قدموا ارواحهم قرابينا للانتصار ، و بالتحديد الذين بمثل تضحياتهم قد أضافوا "كما كيفيا" الى قوائم الشهداء ، و قد كانوا مختلفين عنا في جنسيتهم أو دينهم او لونهم او لغتهم ، إذ أثبتوا ان عقيدتهم الإنسانية قد و سعت كل شيء .
لقد أبدع الكاتب الأردني الفلسطيني الكبير إبراهيم نصر الله حين قال "ان الشهيد الذي يحتضن ارضه ليس له من غطاء يستره سوى الشهيد الذي يليه" ، فتكتشف ان قوافل بآلاف الشهداء قد التحقوا به عن طيب خاطر ، من جنسيات و أعراق و عقائد أخرى مختلفة .