طهران وواشنطن وفزاعة الحرب الإقليمية

image_processing20220922-3459171-eoflnd.jpg
حجم الخط

بقلم د إبراهيم ابراش

 

 إسرائيل تشن حرب إبادة وتطهير عرقي في غزة والضفة والقدس (دولة فلسطين) وحربا على لبنان وتقوم بانتهاك سيادة سوريا واليمن والعراق بالقصف والاغتيالات، وقامت باستهداف قيادات ومسؤولين إيرانيين في ايران وسوريا والعراق ولبنان وردت ايران بقصف مواقع داخل إسرائيل في ١٥ ابريل الماضي ردا على استهداف مواقع وقيادات لها في سوريا وردت اسرائيل بقصف مواقع داخل إيران، وبعد مرور حوالي شهرين على اغتيال زعيم حماس في طهران اسماعيل هنية وفي خضم العدوان على لبنان وقتل غالبية قيادات حزب الله تقوم ايران بإطلاق عددا أكبر من الصواريخ في اليوم الأول من هذا الشهر وتقول إنها استهدفت مواقع عسكرية وأمنية فقط!، واسرائيل تهدد بأن ردها سيشمل كل الشرق الأوسط في تلميح لحرب إقليمية...

ومع ذلك ما زالت واشنطن وغيرها يحذرون من توسع الحرب لحرب اقليمية!  فإن كان ما يجري ليس حربا إقليمية فما هي الحرب الإقليمية؟ ومن هي الدول في الإقليم المتوقع مشاركتها في الحرب لتكون حربا إقليمية؟ هل هي مصر أو دول الخليج أو تركيا وهذا مستحيل الحدوث؟

التحذير من حرب إقليمية خدعة أمريكية وغربية للتغطية على مخطط إسرائيل وواشنطن لتصفية القضية الفلسطينية والعربدة والحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على ست دول في المنطقة، وإيران جزء من هذا المخطط بوعي منها أو بدون وعي، والاحتمال الأكبر إنها تعرف وشريك في المخطط،

معركة إسرائيل الحقيقية في فلسطين وضد شعبها الصامد وكل المواجهات مع إيران ومحورها لا تتعلق بمعركة تحرير فلسطين وخارج سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولم تساعد حتى على وقف العدوان على غزة، وكلما توسعت الحرب كلما ابتعدت عن جوهر الصراع ودخلت في حسابات استراتيجية بين إيران وواشنطن وإسرائيل لتقاسم النفوذ في الشرق الأوسط على حساب فلسطين وشعبها والعرب ودولهم.

وحول القصف الإيراني أمس والذي لم يقتل أي صهيوني ولكنه تسبب بمقتل فلسطيني من غزة! بينما في العملية الفدائية في يافا في نفس اليوم كان ٦ قتلى صهاينة، كما لا يبدو أن القصف ألحق خسائر مادية كبيرة كما يقول قادة العدو. هذا القصف الإيراني ومع افتراض أن العدو يخفي خسائره، ودون تجاهل كونه تحول استراتيجي في توازن القوى في المنطقة حيث لا يمكن الاستهانة بوصول مئات الصواريخ البالستية لمدن العدو، وما الحقته الصواريخ من كسر غرور نتنياهو وأن الأمن القومي الإسرائيلي يمكن اختراقه وأن الإسرائيليين ليسوا في منأى من الخطر..  إلا أنه يطرح تساؤلات كثيرة منها:

1-    لماذا لا تستهدف إيران المواقع الاستراتيجية في إسرائيل مثل المطارات والموانئ ومحطات الكهرباء ومفاعل ديمونا إذا كانت جادة في إيذاء إسرائيل وردعها وخصوصا أن العدو لا يميز بين مدنيين وعسكرين في حربه على فلسطين ولبنان ويدمر كل البنية التحتية حتى المستشفيات والمدارس ودور العبادة؟

2-   لماذا لا تنسق إيران مع بقية أطراف محور المقاومة لتوجيه ضربة للعدو من كل الجبهات في نفس اليوم، بدلا من ترك العدو لينفرد في كل جبهة على حدة كما جرى في الحرب على غزة ثم الحرب على لبنان؟ لو كانت إيران ومحور المقاومة جادين في محاربة إسرائيل من أجل فلسطين لكانت الصواريخ انطلقت من كل الجبهات على إسرائيل في تزامن مع زحف بري لقوات حزب الله من جنوب لبنان نحو شمال إسرائيل؟

3- لماذا في الضربتين اللتين وجههما إيران لإسرائيل كانت تحدث اتصالات مع واشنطن حول طبيعة الضربة وقوتها وتوقيتها وكأن واشنطن وسيط وليس شريكا في الحرب والعدوان؟

4- ماذا لو ردت إسرائيل ردا محدود التأثير ويمكن لإيران استيعابه أو أجلت الرد؟ هل في هذه الحالة تنتهي المواجهة مع إيران وينتهي دورها؟

5- والسؤال الذي قد يستغربه كثيرون ولا يخطر على بالهم ماذا لو لم ترد إسرائيل واستوعبت الضربة في إطار صفقة مع واشنطن تسمح لإسرائيل مواصلة حربها في فلسطين ولبنان؟

في الحالتين فإن ما يجري من تصعيد ضمن قواعد الاشتباك والردع المتبادل لن يؤدي لحرب إقليمية وإن حدثت فلن يخدم القضية المركزية فلسطين، ففي سياق هذا التصعيد الملتزم بقواعد الاشتباك و الردع المتبادل تواصل إسرائيل حرب الإبادة في غزة والضفة .ففي نفس يوم القصف الإيراني حدثت مجزرة في خانيونس في قطاع غزة سقط فيها أكثر من 60 شهيدا غالبيتهم من الأطفال والنساء وما زالت الجهود متواصلة لانتشال مزيد من الضحايا ليرتفع عدد الضحايا إلى أكثر من 41 ألف شهيد ،كما غطى القصف الإيراني الذي لم يقتل أي صهيوني على العملية الفدائية في مدينة يافا. المحتلة

 بعد عام من الطوفان وحرب الإبادة، وبعد اتضاح محدودية قدرات رد محور المقاومة، دون تحميلهم أكثر من طاقتهم لأن مزيدا من الحرب في دول المحور يعني مزيدا من الخسائر لشعوب تلك البلاد وربما مزيدا من تفككها، وكيفما كانت نتيجة التصعيد أو الحرب بين إيران وإسرائيل فسيبقى أصل القضية والصراع وهو الشعب الفلسطيني الذي تعدداه أكثر من 15 مليون والثابت على أرضة والمتمسك بحقوقه الوطنية، ومن هنا علينا كفلسطينيين أن نتوقف عن المراهنات الخارجية وانتظار نتائج حروب الآخرين نيابة عنا، ونحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قضيتنا الوطنية وما زالت الفرصة متاحة للوحدة الوطنية، حثى ضمن ما هو متواجد من فصائل وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات وطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الى حين توفر الظروف المناسبة لإجراء انتخابات عامة.

ومرة أخرى نقول: شكرا ايران ومحور المقاومة ولكن القضية قضية الشعب الفلسطيني الذي لم يكلفكم بخوض الحرب نيابة عنه..