بقلم: طال نيف
«لا أحد يفرغ مشط الرصاص. نحن نحيّد مخرباً جاء للقتل». بهذه الكلمات حاول جلعاد اردان، الذي جلس في ستوديو القناة الاولى، السبت الماضي، إخفاء ما يراه كل شخص: افراغ مشط الرصاص في جسم انسان ملقى على الارض. محمد أبو خلف (20 سنة)، الذي شوهدت جثته في فيلم تم بثه في قناة «الجزيرة»، أصاب اثنين من حرس الحدود قبل اطلاق النار عليه في يوم الجمعة في باب العامود.
وعندها، بعد اطلاق النار عليه وسقوطه، وقف حوله رجال شرطة حرس الحدود على شكل نصف دائرة، وقاموا بإفراغ أمشاط الرصاص. وليس معروفا من قام بتصوير هذا الاعدام.
قبل ذلك ببضعة ايام قال رئيس الاركان، غادي آيزنكوت، إنه لا يريد أن يُفرغ الجنود مشط الرصاص على أي شخص تمت السيطرة عليه. لكن اردان يتحدث دائما بمستوى منخفض – الى من يجلسون في الصفوف الاخيرة، والى الاسفل، ما دون حدود الحكمة. وقد عرضوا أمامه افراغ مشط الرصاص. وهو من جهته حاول انكار ما يشاهده. وعرضوا أمامه الدماء، فقال إن هذه ألوان.
إنه ليس بنيامين نتنياهو الديماغوجي المتمكن. فهو ديماغوجي هاوٍ. لذلك عندما ينكر ما ترى عيناه يصبح واضحا أنه بعد بضعة اشهر من بدء انتفاضة الشبان الافراد، فان رد الحكومة السياسي العلني هو انزال المعايير الى مستوى فقدان الصفة الانسانية. ما الذي يفهمه الانسان من محاولة الانكار لدى اردان. أو على الأقل تفسير موقفه – الفيلم الذي تم بثه في «الجزيرة»؟ سيفهم أن استراتيجية حكومة اسرائيل الآن هي البشاعة. وحسب وجهة نظرها نرد على البشاعة (عملية «انتحارية» ضد الشرطة والجنود) بالبشاعة. إعدام بدون محاكمة. ليس هناك قانون غير قانون القتل. إن هذا هو تدنٍ للقيم، ويجعلنا نشبه المكان الذي يسود فيه القوي، حيث لا يوجد قانون عسكري أو غيره.
ما يوجد فقط هو شيء واحد: قتل الجميع. والقول إن هذا هو المعيار هنا. وحسب نظرتهم هذه سيخيفون أعداء اسرائيل حتى الموت، أو مقاتلي الحرية من الطرف الثاني. أي نحن أكثر بشاعة من «داعش». إذا كانت هذه استراتيجية فماذا سيكون مصير الموقف الاسرائيلي الرسمي الذي يقول إن الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر أخلاقية في العالم؟ جيش للدفاع؟ الى مزبلة التاريخ. لقد تم اتخاذ القرار. موقف «الجيش الاكثر اخلاقية في العالم» تم تشويهه من قبل اردان حيث يمكن تلخيص ذلك الآن بكلمات «نحن ببساطة أقوى». هذا كل ما في الامر. يتحدث اردان الى «الشعب» الذي يستخف بثقافته وانسانيته وطموحه السياسي.
إنه يتحدث الى الشعب من اجل اقناعه بأن العدل قد تم رغم المشاهد المزعزعة لعملية الاعدام. لكن المشكلة هي أن اردان لا يمثل أو يتحدث عن أي عدل. الفيلم الذي وثق قتل فتاتين هما بنتا عم فلسطينيتان، لوحتا بالمقصات، من قبل شرطي، والفيلم الذي تم بثه في يوم الجمعة في «الجزيرة» والذي وثق افراغ مشط الرصاص في جسم منفذ العملية في باب العامود، بمثابة صور للارشيف في المستقبل، لايام الديمقراطية الاخيرة في إسرائيل. ومن ستوديو التلفاز الذي تحدث فيه وزير الامن الداخلي، تم بث الفيلم عن الشخص الذي لا يفهم أنه عندما يتم افراغ مشط رصاص في جسم انسان تم تحييده، حتى لو كان مخرباً فانه ليس هناك أمن داخلي. ليس هناك أي أمن داخلي لأحد يا جلعاد اردان.
عن «هآرتس»