أوجه عديدة للإبادة الجماعية على أبناء الشعب في قطاع غزة من قبل إسرائيل فوق النازية وسادتها في واشنطن والغرب الرأسمالي عموما، ومن قطاع الطرق واللصوص والتجار المحليين، الذين توحشوا الى حدود غير مسبوقة في الجشع والفلتان والاستغلال البشع واللا اخلاقي، بالتواطؤ مع آلة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وأجهزتها الأمنية، وبالتنسيق والتكامل مع عصابات رجال الانقلاب الأسود، أدعياء الدين و"المقاومة"، وغياب القوى الوطنية عن تمثل دورها، وتخندق قياداتها في مخابئها، او انزوائهم في زوايا الطرق، وعلى ارصفة المقاهي خشية العصا الغليظة لعصابات الانقلاب، ألا ما ندر ربي ممن تجشموا مسؤولياتهم الشخصية والوطنية، الامر الذي يعكس غيابا شبه كامل عن المشهد، رغم أن اللحظة أحوج ما تكون لارتقاء كل انسان امرأة أم رجل يشعر بمسؤوليته الخاصة تجاه نفسه وعائلته، وتجاه حارته وحيه ومدينته وشعبه، التواجد في ميدان العمل الشعبي لمساعدة المواطنين على تحمل أعباء الإبادة الجماعية اللا مسبوقة، وتنظيم حياة المجتمع من خلال تشكيل لجان شعبية في كل حي وحارة لحماية منازل وممتلكات السكان النازحين من السرقة والنهب، وبالتلازم مع ذلك المراقبة في الأسواق والمدارس والمراكز الصحية والمستشفيات، تنظيم العلاقات الاجتماعية وتوزيع المساعدات مع وكالة الاونروا والمؤسسات الدولية، لمساعدة المواطن من جهة، والمؤسسات والقائمين عليها من جهة أخرى.
لكن لغياب اللجان الشعبية الوطنية، وتلاشي دور أجهزة حماس، التي لا تظهر الا للاعتداء على المواطنين الجوعى، او للتغول على منتسبي الفصائل او الناقمين على دور حركة حماس وسياساتها وخطاياها لترهيبهم، ولتذكيرهم انهم مازالوا موجودين عبر عمليات البلطجة بالسلاح، او بالاستدعاء في زمن الإبادة الجماعية بعد أكثر من 13 شهرا عليها.
والأخطر من كل ذلك، الاستقواء بالسلاح والملاحقة للسطو على الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية بمشتقاتها المختلفة وتسليمها لأنصارها وتجارها ليعدوا بيعها للمواطنين المنكوبين بالفقر والفاقة والجوع والافلاس بأسعار خيالية. وحتى شكلوا مجموعات من العصابات في كل محافظة ومدينة ومخيم ليتكاملوا معا في نهب ما تبقى مع الناس من بقايا أموال، هذا إن بقيت معهم أموال، وبالتعاون مع مجموعة من التجار الاخساء، الذين فقدوا ضميرهم، ونزعوا ما تبقى من اخلاق وقيم وطنية واجتماعية، وتخلوا كليا عن روح التكافل والتضامن مع أبناء الشعب، وسرقوا، ومازالوا يسرقون المساعدات الإنسانية، كما أن بعضهم من المافيات واللصوص من قطاع الطرق يقومون بفرض عمولات على كل شاحنة تمر من محافظة لأخرى 5000 الاف دولار أميركي، ليسمحوا لها بالمرور. ووفقا لمكتب الإحصاء الفلسطيني، حدثت زيادة مذهلة في الأسعار بنسبة 283% منذ بدء الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وهو الامر الذي يحصل لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتلازم مع ذلك تقنين إسرائيل فوق النازية إدخال المساعدات الإنسانية المختلفة، مما وضع الجماهير بين فكي كماشة إسرائيلية وحمساوية وانصارهم تجار الحروب الاوغاد وقطاع الطرق، حتى بلغت الأوضاع الاجتماعية حد الانهيار والمجاعة المعلنة.
وتشارك معهم أصحاب رؤوس المال ومن تبقى من المرابين وبعض موظفي البنوك في تحصيل عمولات على أية مبالغ تصل للمواطنين من ذويهم، او المؤسسات الداعمة وصلت مؤخرا، أو حتى رواتبهم الى نحو 25% و30 % بعد ان كانت في البداية 10% او أقل قليلا، دون وازع أخلاقي ووطني، مما فاقم من عملية الإبادة الجماعية على أبناء الشعب في قطاع غزة، وبالتعاون والتكامل مع حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل لتحقيق أهداف نتنياهو وزمرته الأكثر نازية في التاريخ المعاصر على الأرض الفلسطينية.
وتعميقا لما ذكر، قال تقرير نشره البنك الدولي في شهر أيلول / سبتمبر الماضي، إن سكان قطاع غزة يعانون من الفقر بنسبة 100%، وان التضخم تجاوز نسبة 250% مع استمرار حرب الأرض المحروقة. وأشار التقرير الذي صدر بعنوان "التحديث الاقتصادي الفلسطيني"، إلى ان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأراضي الفلسطينية انخفض بنسبة 35% في الربع الأول من العام الحالي 2024، وهو الأعلى على الاطلاق
كل هذه العمليات اللصوصية والمافيوية فاقمت من سخط وغضب الشعب في المحافظة الوسطى ومحافظة خانيونس، ولا يستثنى من ذلك محافظتي غزة وشمال القطاع، ولم تعد الجماهير الواقعة في عين العاصفة والابادة الوحشية والجهنمية قادرة على التحمل، فأعلنت الاضراب في محافظتي الوسطى وخانيونس، وقام الجوعى والمسحوقين بالأمراض والاوبئة والبرد وحر الصيف باقتحام مخازن التجار وعصابات حماس وازلامها في أواسط الأسبوع الماضي، واغلقوا أبواب المحلات وأسواق الخضار والفواكه والمعلبات وغيرها احتجاجا على الجشع وفلتان الأسعار الى حد الجنون، ولتذكيرهم، بأن غضب الشعب أعظم من سطوتهم وسيوفهم المثلومة والصدأة، وقادر على التصدي لهم، رغم الموت والفاجعة والإبادة الجماعية.
آن الأوان لأن تنهض قوى الحركة الوطنية وعلى رأسها حركة فتح للتصدي المنظم لمواجهة التحديات الداخلية، وكبح جماح المارقين كافة، الذين يشاركون العدو الصهيو أميركي في ذبح وتجويع الشعب. ومواجهة كل من تسول له نفسه باستغلال نيران الحرب والإبادة بالوسائل والاليات المتاحة، وفضحهم إعلاميا وسياسيا واجتماعيا، وتشكيل محاكم شعبية لملاحقة المتورطين في نهب وتجويع الشعب، وسرقة مساعداته الإنسانية البسيطة، حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر.
وكل التحية والتقدير لكل من ساهم في تنظيم وإعلان الاضراب، وحماية الأهداف المطلبية الشعبية، وسعى لتعزيز صمود أبناء الشعب، ورفع بعض الظلم وجنون الأسعار الخرافي عنهم.