فى الجزائر... تجربة محط تقدير

4ea00914-b713-4a99-952e-6ce0c36ec851
حجم الخط

 
دوماً في عجلة من أمره، يبحث عن أقصر الطرق وأكثرها عملية وواقعية لخدمة الأفكار التي يؤمن بها، لا يروق له حديث المجالس الذي ينحصر في دائرة الجدل البيزنطي، كنت التقيته بعد سنوات عندما عاد للوطن في زيارة قصيرة، وبعدها بسنوات سمحت لنا الظروف أن نلتقي مجدداً في رحاب القاهرة، لم توهن السنوات من عزيمته ومثابرته شيئاً، يشعرك بأنه في سباق مع الزمن، وأنه يبحث عن ترجمة واقعية لخلية أفكاره حتى وإن حملت الطابع الثانوي، يؤمن بأن الأعمال الكبيرة لا تهبط علينا من السماء، بل تأتي نتاج عملية تراكمية لأعمال صغيرة.
حمل على عاتقه مسؤولية ملف الأسرى في سفارتنا بالجزائر، لم يحمل هذا الملف من باب توزيع المهام ولا طمعاً في إضافة جملة إلى سيرته الذاتية، بل لأنه عاش معاناة الأسرى وآمن بأن عدالة قضيتهم بقدر ما تفرض ذاتها ضمن أولويات العمل الفلسطيني بقدر ما تتطلب بذل المزيد من الجهد للتعريف بها، وأن التضامن مع الأسرى يتطلب الانعتاق مع العمل المحلي إلى رحاب العمل في الساحات الخارجية العربية منها والأجنبية، عمل الأخ خالد صالح "خالد عز الدين" على استثمار التعاطف الكبير للشعب الجزائري مع الشعب الفلسطيني، وسلط الضوء على قضية الأسرى ومعاناتهم، واستطاع عبر شبكة علاقاته المميزة بالإعلام الجزائري أن يضع قضية الأسرى ضمن دائرة اهتماماته، حيث بات يفرد الإعلام الجزائري مساحة واسعة لتغطية كل ما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين.
الواضح أن الأخ خالد يتابع عن كثب كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأسرى الفلسطينيين، ويحرص على نقل تفاصيلها عبر الإعلام الجزائري، ليس هذا فقط بل ينشط في تنظيم الفعاليات المختلفة الداعمة لقضيتهم العادلة، لا شك أنه استطاع خلال فترة قصيرة نسبية أن يكرس عملاً بات محط انتباه وتقدير الكثير، والأهم في تجربة الصديق خالد أنها تجاوزت العراقيل التي عادة ما يعلق البعض عليها إخفاقهم، فلا عدم توفر التغطية المالية كان سبباً في تراجعه والانكفاء على أفكاره، ولا الترهل في العمل الذي تعاني منه العديد من سفاراتنا في الخارج ثبط من عزيمته، ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا أن عمله شكل إضافة نوعية لعمل سفارة فلسطين بالجزائر، ومن المفيد أن تستلهم سفاراتنا في العالم من هذه التجربة الشيء الكثير.
رغم علاقة الصداقة التي جمعتني بالأخ خالد على مدار سنوات من خلال العمل داخل حركة فتح، إلا أن السنوات الطويلة لم تفصح لي عن علاقته بالصديق أحمد يوسف القيادي في حركة حماس، إلى أن أفصح لي الصديق أحمد بأنه فخور بنشاط شقيقه الأصغر خالد القيادي في حركة فتح، وبغض النظر عن الاختلاف الفكري بين الشقيقين إلا أنهما يلتقيان عند بوصلة الوطن التي تعطل سواها من مؤشرات حزبية ضيقة، وإن كانت تجربة الصديق خالد في دعم قضية الأسرى في الجزائر تتطلب منا الثناء والمديح، فالشيء ذاته يحتفظ الكثير به لشقيقه الأكبر الصديق د. أحمد يوسف الذي يبحث دوماً عن القواسم المشتركة التي يلتقي عندها الكل الفلسطيني.