بشكل مفاجئ خرج الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ليطلق سيل من "قذائف الكلام" التهديدية، ما لم يتم إطلاق سراح رهائن دولة الكيان الاحلالي، بأنه "إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن قبل 20 يناير 2025، فسوف يكون هناك جحيم سيدفع ثمنه الجميع في الشرق الأوسط، وسيُضرب المسؤولون عن هذه الفظائع بأقسى مما تعرض له أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل والممتد. أطلقوا سراح الرهائن الآن!".
من المفيد ذهنيا، قراءة "قذائف ترامب الكلامية" في ظل الأجواء التي أطلقها، حيث جاءت بعد "عشاء خاص" مع سارة زوجة نتلر رئيس حكومة الفاشية اليهودية، في سابقة فريدة بل وغير مسبوقة، ان يلتقي رئيس منتخب مع زوجة مسؤول أجنبي، ثم يذهب لاتخاذ مواقف سياسية تفترق عما سبق الحديث عنه "نسبيا" بلسان السيناتور الجمهوري والصهيوني جدا ليندسي غراهام، بالحديث عن موقف ترامب وما يود أن يراه من صفقة للتهدئة والتبادل، كونه يبحث التركيز على التطبيع مع السعودية.
وتدقيقا، هناك فروق كثيرة بين تصريح ترامب ما بعد "عشاء سارة" وما قال حليفه غراهام، بين رسائل التهديد العام في الشرق الأوسط إلى الصفقة العامة في الشرق الأوسط، تناقض فريد ما يشير أن الرئيس المنتخب يعيش حالة من التيه السياسي الكبير، بل وعدم الإدراك لتصريحات كشفت جاهلية نادرة عند الحديث عن تهديد شامل للمنطقة، إلى جانب قطاع غزة.
"الهزلية" في أقوال ترامب بعد "عشاء سارة الخاص"، أنه لا يعلم بأن دولة الفاشية المعاصرة لم تبق في قطاع غزة ما يستحق الحياة، وارتكبت من جرائم الإبادة والتطهير العرقي كما لم يسبقها نازي القرن العشرين، ما أدى لأن يخرج أحد أهم وزراء جيش الدولة الاحلالية يوما، ويكشف عما يحدث بلغة لا تقبل تأويلا، ما فتح عليه نار جهنم دون أن يهتز.
"قذائف ترامب الكلامية" لتدمير الشرق الأوسط، تكشف أن الجاهلية السياسية مكون رئيسي للرئيس المنتخب، كونه لم يجد تمييزا أو خطا فاصلا بين حدود الجغرافيا، فهدد الجميع دون أن يفكر قليلا، وبأنه يتعامل مع القضايا المركزية بأهواء فردية دون حسابات لعواقب الكلام.
"قذائف ترامب الكلامية"، رسالة مبكرة بأن الاستعداد السياسي المركز والواضح يجب أن يكون مسبقا، وإعادة صياغة العلاقة لكسر المبدأ الأمريكي السائد طويلا من "التبعية التقليدية" إلى مبدأ "المصالح التبادلية"، في ظل التطورات العالمية الجديدة، والتي تختلف كثيرا عن فترة ترامب الرئاسية الأولى، عندما خطف دول عربية ووقع اتفاقات تطبيعية كاملة، دون تكلفة أو ثمن مرتبط بجوهر المبادرة العربية للسلام مارس 2002، فكانت الصفقة التي اعتقد أنها ستبقى قاعدة العمل المستقبلي.
"هيجان ترامب الكلامي"، يحمل رسائل تهديد إلى دول عربية أكثر منه إلى حركة حماس، وكأنه يقول من يستقبلهم أو يأويهم سيكون تحت نار الغضب الأمريكي، وربما تلك هي الرسالة الأخطر التي لم تقل مباشرة، وما يجب أن يرى منها بطريقة مختلفة عما كان سياق القول ما قبل ذلك.
"قذائف ترامب الكلامية"، هي جرس إنذار للرسمية الفلسطينية، التي تعتقد أن "صمتها" على ما يطلقه كلاما ضارا سيكون حماية تقيها شر سياسي، بدلا من حراك سريع وفوري مع أطراف عربية مركزية، وخاصة مصر والسعودية والأردن، ومن تراه مساعدا إيجابيا لها وليس عليها.
قد يكون "نافعا سياسيا" لو أرسلت الرسمية الفلسطينية "ملفا خاصا" بتصريحات مسؤولين من الكيان وبعض إعلامهم عما حدث في قطاع غزة، فقط ما هو منتج عبري ومن داخل الكيان وليس خارجه.
تصريحات "الهيجان الترامبي" تحمل "رأس مسخرة سياسية" لبايدن وإدارته، بأنها ضعيفة عاجزة أضاعت الهيبة الأمريكية..وهو ما لن يكون مستقبلا..رسالة ذر رماد في عيون.
ملاحظة: لماذا لا تعود حركة الانسحاب الجمعي مع كل دخول وفد من الكيان الاحلالي..خلال أيام حدثت مرتين بدأها رئيس الوطني الفلسطيني في روما..وبعده انسحب الوفد الجزائري من قمة تجارية في دلهي..تأكدوا أنه هاي لوحدها سلاح دون أن تدفعوا تعريفة..بس بدها شوي "نخوة" من اللي تناسوها بعدم ما نخوا..
تنويه خاص: شي مفرح انه تلاقي تقدير خاص لمؤسسة فلسطينية من ناس متابعة..مؤسسة بال ثينك ومديرها عمر شعبان نالوا جائزة دولية رفيعة في حفل خاص بجنوب إفريقيا شارك فيه ممثلين عن أكثر من 100 دولة..تقدير الفعل الإنساني بريحة السياسي فخر ومسؤولية كمان..العمل أكتر وأكتر يا شعبان..