دولة بلا قوة ردع

تنزيل (4).jpeg
حجم الخط

رام الله - بقلم سميح خلف

 ما حدث في سوريا لا يخرج عن معطيات وفرضيات وأهداف ما يسمي بالربيع العربي في 2011 واصيب هذا المشروع بالجمود فترة من الزمن ولكن ما زالت اهداف هذا المشروع قائمة وتم الاعداد لاستكمال هذه الاهداف والمطلوب اولا هو القضاء علي الدولة الوطنية التي اتت بثورات ما بعد الحرب العالمية الثانية وانهاء مقومات وجودها من خلال ضرب مؤسساتها السيادية ببدائل تخضع للمنظور الامني والعسكرى والاقتصادي الامريكي وبالتاكيد ان حرب اوكرانيا قد اثرت واضعفت النظام الروسي الذي كان يطمح في بقائه في شرق البحر المتوسط بعد ان خسر شمال افريقيا وخسر العراق وخسر مصر فليس غريب علي الرئيس الروسي بوتن ان يسحب غطاؤه وحمايته للنظام السوري برئاسة بشار الاسد واكتفي فقط باعطاؤه اللجوء (الانساني) للرئيس السوري وهذا يعني ان روسيا تتعامل مع بشار ليس كرئيس دولة له حق ممارسة النشاط السياسي فكان من المفترض بأن يتعامل الروس مع بشار كرئيس دولة وهذا يعني ايضا اعطاء الشرعية لما يسمي هيئة تحرير الشام بقيادة احمد الشرع (ابو محمد الجولاني) وللفصائل الاخرى المنطوية تحت غطاء هيئة تحرير الشام وهي فصائل كانت تصنف بالارهاب سواء في المنظور الروسي او الامريكي والغربي وهنا يمكن ان نضع تساؤل هل يمكن ان يتحول فصيل ارهابي الي فصيل وطني معترف به هي تلك المقاييس المضطرة والمتناقضة التي تأتي بأهواء المنظور الامني والسياسي لامريكا والغرب وروسيا ايضا . سوريا غنية عن التعريف كركيزة اساسية من ركائز الامن القومي العربي والجغرافي والديموغرافي وان سقطت سوريا فيعني ذلك احدى رئتي الوطن العربي قد سقطت , طبعا شيئ مذهل ومفجع تلك السرعة والتسارع في سقوط نظام البعث العربي والاشتراكي في سوريا التي كان له منظور قومي بشعار وحدة , حرية , اشتراكية , وهو السقوط الثاني بعد سقوط بغداد وضرب كل مؤسساتها الوطنية جيشها ومؤسساتها الامنية وان كانت بغداد قد تعرضت للاجتياح من 36 دولة ولكن سقوط سوريا اتي بمعادلات وتفاهمات دولية بين امريكا وروسيا وتركيا وايران لمكتسبات اقليمية سواء لايران او تركيا أو لروسيا في ارض اوكرانيا وثمنها سقوط سوريا والتخلي عنها لصالح مليشيات اتي بها الغرب عدة وعدد وعتاد، تركيا التي تطمح بالاستيلاء علي مساحة من الارض في الشمال الشرقي لسوريا بالإضافة إلى لواء الاسكندرونة المحتل من قبل تركيا عام 1949 بحجة تأمين حدودها من منظمة (قسد) الكردية التي من اهدافها تشكيل دولة للاكراد تضم اكراد سوريا وأكراد تركيا والعراق وايران فهم مجتمعين علي منع قيام دولة كردية كلا من ايران وتركيا والعراق في حين ان منظمة قسد تدعمها امريكا للحفاظ علي التوازن في الشمال الشرقي لسوريا. من المهم إذا تعمقنا فيما حدث مؤخراً في سوريا واستيلاء هيئة تحرير الشام علي السلطة والدولة في سوريا كان من المهم ان نتعمق في النشاط الاسرائيلي بعد دخول تلك الفصائل الي دمشق حيث قامت القوات الإسرائيلية بالاستيلاء على جبل الشيخ الاستراتيجي و تمددت في الجولان والقنيطرة بما يقدر ب 300 كيلو متر مربع بما يخالف اتفاقية الهدنة كام 1974 وهي ابعد واعمق من المنطقة العازلة لم يكتفي النشاط والأطماع الإسرائيلية لهذا الحد بل قامت بتنفيذ الهدف الاساسي بالقضاء علي كل مقدرات القوات المسلحة السورية ب 450 غارة جوية وباستخدام اكثر من 350 طائرة حربية حيث قامت بتدمير المطارات وسلاح الجو السوري وضرب ميناء اللاذيقية والاسطول البحري السوري حيث طالت تلك الغارات كل انحاء سوريا والذي يزيد الامر استهدافا لكل مقدرات الدولة السورية انها قامت باغتيال علماء في الفيزياء والكيمياء سواء بشكل مباشر او غير مباشر هذا النشاط العدواني قد أوضحه نتنياهو في تعليقه وحديثه لهذا العدوان حيث أوضح بانه قام بالقضاء علي كل من يهدد دولة اسرائيل وخوفا من وقوع الاسلحة الاستراتيجية في ايدي مسلحين. الغريب ان هيئة تحرير الشام لم تقوم بأي اجراء او استنكار او ارسال مسلحين لحماية الارض السورية في منطقة تعتبرها اسرائيل منطقة فراغ ومنطقة ميتة بالنسبة للسوريين وهذا شيئ غريب ومستغرب ايضا يدل علي ان هيئة تحرير الشام والسيد احمد الشرع في توافق مع هذا النشاط اما الجانب الامريكي فيبحث جديا رفع القرار الامريكي باعتبار هيئة تحرير الشام والنصرة من قوائم الارهاب وتطمح امريكا في تعاون مع النظام الجديد في سوريا.

 

لا اعتقد أن الأمور في دمشق ستقف على ما يطلع من تصريحات بأن سوريا لكل مواطنيها ومازال المشروع في بدايته عندما لا يكون لسوريا جيش وقوة ردع قد تم القضاء عليها وباستبدالها بميليشيات مختلفة المساقات والرؤى والايدلوجيات فهيئة تحرير الشام عبارة عن خمس فصائل كبرى وحوالي 18 فصيل صغير وما زالت اهداف الربيع العربي لشرق اوسط جديد تحدث عنه نتنياهو بانه سيغير منطقة الشرق الاوسط وستكون اسرائيل فيه هي الدولة المركزية بعد ان حقق مكتسبات في لبنان وسوريا وغزة , هذا الشرق الاوسط الجديد تحدثت عنه كونداليزا رايس عام 2005 بما يسمي الفوضي الخلاقة وتبني هذا المشروع الرئيس الامريكي السابق اوباما وهلرى كلينتون وخططت له الادارة الامريكية باستئنافه بالرئيس المنتهية ولايته بايدن فيجب النظر علي ما يحدث في السودان وليبيا مستعصية الحل والعراق الذي فيه دولة مركزية ومليشيات مركزية ايضا , سايكس بيكو جديدة بجغرافيات جديدة قد تبدا من سوريا إلى 4 او 5 دول بتامين دولة موالية لاسرائيل علي حدود فلسطين المحتلة ودولة اخرى في الشمال الشرقي لسوريا موالية لتركيا وربما يولد دولة كردية باعتراف امريكي ودولة سنية ودولة في اللاذقية وطرطوس وهي دولة علوية ربما هذا المخطط ان لم يكن ما يخالفه من تحرك وطني داخل الشعب السوري وان كانت الامور مستعصية نتيجة اخطاء قام بها النظام السابق والارتكاز علي قوى اجنبية كروسيا وايران كحماية ومواجهة الفصائل الاسلامية، المهم في هذا الموضوع ان هناك دول قد دعمت هذا الربيع العربي بالمال والاعلام وربما الامن ومازالت مستمرة في هذا الدور بنفس السيناريوهات والادوات التي تشابه ما حدث في سقوط بغداد او الساحة الخضراء في ليبيا المهم بعد القضاء علي الجيوش الوطنية والدولة الوطنية في اكثر من دولة عربية اليمن , ليبيا , العراق, سوريا المهم يجب ان يتيقظ ما تبقي من الدول الوطنية العربية في مصر والجزائر فالمستهدف ربما في المرحلة القادمة تلك الدولتين وجيشهما والتي مازال يسبب الرعب لما يسمي نظرية الامن الإسرائيلي.