بقلم: عومر دوستري
موضوع الأنفاق الهجومية التابعة لـ "حماس"، الذي عاد مؤخرا الى البحث، أحدث توتراً بين اسرائيل و"حماس" ورفعه الى ذروة جديدة منذ حملة الجرف الصامد.
في أعقاب ذلك، ازداد الخطر في أن يفسر أحد الطرفين على نحو غير سليم الواقع على الارض، ويعمل بطريقة تؤدي الى التصعيد، وربما حتى الى حملة عسكرية اخرى في قطاع غزة.
ولكن السلوك الحذر من جانب اسرائيل في هذا الموضوع، الى جانب تخوف "حماس" من حملة اسرائيلية، والوضع الاشكالي للمنظمة، منع هذه المرة تماساً في الاتصال.
وهكذا، نشرت مؤخرا مواقف مختلفة من مسؤولين اسرائيليين ومن قيادات من "حماس" هدفها تهدئة الاجواء والاشارة الى أن التصعيد الأمني لا ينسجم حاليا مع مصالح أي من الطرفين.
في الجانب الاسرائيلي كان هؤلاء هما وزير الدفاع، موشيه يعلون، ورئيس الاركان، جادي آيزنكوت، اللذان حاولا تهدئة الخواطر لدى الجمهور، وبالتوازي اطلق محفل رفيع المستوى في "حماس" رسالة تهدئة لاسرائيل تقول ان ليس في نية التنظيم المبادرة الى خطوة هجومية ضدها، اضافة الى ذلك، تبادلت اسرائيل و"حماس" الرسائل عبر تركيا وقطر، بهدف التأكيد على أن الطرفين غير معنيين بالتصعيد.
من ناحية "حماس"، فان الرغبة الان في الامتناع عن التصعيد لا تنبع، بالطبع، من أنها أصبحت محبة لصهيون، بل لاضطرارات فرضت عليها، ضمن امور اخرى من اسرائيل.
أولا، "حماس" مردوعة بعد "الجرف الصامد" والدمار الكثير الذي جلبته معها. فقد أعاد الرد الاسرائيلي قطاع غزة الى الوراء، واعمار القطاع لا يلوح في الافق، ضمن امور اخرى لان "حماس" لم تتلق الاموال التي وعدتها بها الدول المانحة بعد الحملة في غزة، وبسبب حقيقة ان المنظمة تضع في رأس سلم اولوياتها قبل كل شيء اعادة بناء قدراتها العسكرية وشبكة الانفاق، على حساب المواطن الغزي.
ثانيا، اقتراب "حماس" من السعودية بصفتها راعية لها، فيه عنصر لاجم، ولا سيما على خلفية العلاقات الغامضة والتعاون السري الجاري خلف الكواليس بين اسرائيل والسعودية، ولا سيما في الموضوع الايراني.
في هذا السياق، تحاول "حماس" ان تجس النبض للعودة الى التعاون مع ايران، والذي انقطع في مهده مع اندلاع الحرب الاهلية في سورية، ولكن هذه الخطوة لا تتقدم بسبب جدالات داخلية في القطاع.
عامل آخر يمنع التصعيد هو التقارب بين إسرائيل وتركيا نحو اتفاق مصالحة بين الدولتين. احد الادعاءات الاسرائيلية التي طرحت حول المصالحة هو حقيقة أن تركيا تستضيف قيادة "حماس" في الخارج داخل الدولة، وعلى رأسها صالح العاروري.
حتى لو لم يوافق الاتراك على ان يتخلوا عن قيادة "حماس" في دولتهم في اطار اتفاق المصالحة، فان مجرد المحادثات، فما بالك اتفاق المصالحة، فيها ما يدفع تركيا الى أن تفرض على "حماس" الحفاظ على التهدئة.
مع أن "حماس" تعيد بنشاط ترميم شبكات الانفاق لديها، ولكن لن تكون من الحكمة من ناحية اسرائيل أن تعمل في هذا الوقت ضد المنظمة بمبادرة منها، فضلا عن أنه انهارت مؤخرا أنفاق "حماس" الواحد تلو الآخر بشكل غريب، فإنه لا يوجد تهديد فوري على اسرائيل او حتى مصلحة في ذلك من جانب "حماس".
وعلى أية حال، فان حيازة سلاح ما لا تشهد على أن "حماس" تعتزم بالفعل استخدامه في الزمن القريب، مثلما لا تستخدم اطلاق الصواريخ منذ أكثر من سنة ونصف السنة، رغم حقيقة أنه يوجد تحت تصرفها مخزون وافر ومتجدد.
اضافة الى أن الجيش والقيادة السياسية جاهزان وواعيان للجهود والنوايا من جانب "حماس" لمفاجأة اسرائيل بهجوم تحت أرضي، بحيث ستتمكن اسرائيل من الرد بقوة عند الحاجة.
عن "معاريف"