بقلم: ليلاخ سيغان
تكمن المشكلة الحقيقية مع "بي.دي.اس" في قدرتنا على الانتصار عليها، وان كان في الطريق الى الانتصار يوجد غير قليل من المشاكل، وليس فقط من ناحية وزارة الخارجية المتبخرة أو الدعاية الرسمية المختفية. فـ "بي.دي.اس" ستهزم لأن وجهها الحقيقي بدأ ينكشف. فالازالة السريعة للاعلانات التشهيرية من القطار السفلي في لندن، مثلما هو تنديد البرلمان الكندي وولايات في الولايات المتحدة، بدأت تخرج المقاطعة عن القانون، وتثبت أن الوعي يتغير، فببساطة هناك حاجة للوقت لتبديد الكذبة التي تقبع خلف عمل ممنهج استغرق اكثر من عقد.
إذا بحثتم في غوغل عن كلمات "التطهير العرقي" او "الجينوسايد" (قتل شعب)، مثلا، ففي الاقتراحات الاولى ستكون كلمة "فلسطينيين". ولا يهم أن يكون السكان الفلسطينيون في "المناطق" ازدادوا أربعة اضعاف منذ 1948، واذا كانت غوغل تعرض اكثر من 3.5 مليون مقال عن قتل الشعب الفلسطيني على أيدي اسرائيل. كما ان قسما من اليسار يجد صعوبة في ان يشجب حركة المقاطعة، لان الجدال بين اليسار واليمين يشدد فقط على عدم التوافق بدلا من السعي الى التوافق. وعليه، ففي اليمين ايضا يوجد غير قليل ممن يفكرون بأن الجمود السياسي هدام لاسرائيل، ولكنهم يسكتون، لانهم لا يريدون ان يعطوا شرعية لدعاية الكراهية.
عائق صعب آخر هو ايصال الصحافة الليبرالية الاجنبية الى نقطة الوعي. فطالما أصرت الـ "بي.دي.أس" على الادعاء بأنها موضوعية في تغطية النزاع، وطالما تصرفت على هذا النحو "نيويورك تايمز"، ستستمر الدعاية الاسرائيلية وحتى الاعلام الاسرائيلي سيتأثر. شيء ما حصل للصحافة في السنوات الاخيرة – من شدة الرغبة في المشاركة الفاعلة في الجدال، نسي معنى تعبير "حق الجمهور في المعرفة".
فمن حق الجمهور أن يعرف كل التفاصيل وان يحصل على صورة دقيقة للوضع، وليس صورة جزئية مرت بمرشح الرأي الذي تؤيده وسائل الاعلام، حسب أفضل تفكيرها (أو تفكير صاحبها). الانتصار على الـ "بي. دي. أس" سيأتي عندما لا يكون ممكنا قول كلمتي "حق العودة" دون الشرح بأنه يقف خلفهما الطلب لفتح بوابات اسرائيل لـ 5.5 مليون من انسال الفلسطينيين ممن رفضت الدول العربية استيعابهم على مدى خمسين سنة، كي تصبح اسرائيل بين ليلة وضحاها دولة مع أغلبية عربية.
وسيأتي الانتصار ايضا عندما يتغير التبليغ التلقائي عن تقرير ما آخر لـ "بتسيلم"، كذاك الذي يدعي بان اسرائيل تحبس سجناء أمنيين في ظروف غير إنسانية. فبعد أن رأينا بان باحث "بتسيلم" هو ناكر للكارثة و"نشيط سلام" آخر من المنظمة يبعث بفلسطينيين الى موتهم كي لا يبيعوا - لا سمح الله - ارضا لليهود، فلعله من المجدي الشروع بالتعاطي بشكل مع الحقيقة التي تقف خلف هذه التقارير و"حقائقها". هكذا حيث إن المشكلة الحقيقية مع الـ "بي.دي.أس" هي أنه حتى بعد أن تكف تماما عن ان تكون شرعية، سنبقى مع المشكلة المركزية العالقة لنا في الحلق. ولكن لعلنا نفهم على الاقل بأنه بينما من المبارك الكفاح في سبيل الدولتين، فان الهدف لا يبرر الوسيلة.
وبالاجمال يوافق الكثير من الاسرائيليين على ذلك اليوم ايضا، وهذا لا يغير حقا في شيء اذا كانت هذه الموافقة تنبع من إيمانهم بأن حلاً كهذا سيكون أهون الشرور. ولكن في اللحظة التي يستخدم فيها الكفاح الزيف والكذب، فانه يتفرع الى الاف الجدالات الصغيرة، التي هي غير قابلة للحل حقا وتبعد عنا فقط الحل الكبير. لعلنا نفهم في وقت ما بأن التشويه لا يحل بتشويه آخر. التشويه الأخر يعقد الامور فقط، ولا يحلها.
عن "معاريف"