الحكومة الإسرائيلية تزعم أن القدس موحدة: «عيد المساخر» حلّ مبكراً!

800px-Jerusalem_Dome_of_the_rock_BW_14
حجم الخط

بقلم: يوسي فيرتر سيحل علينا عيد المساخر (البوريم) بعد شهر بالضبط، ليفرح الأولاد. ولكن من تابع العناوين التي ظهرت، الاسبوع الماضي، يتولد لديه الانطباع بأن المساخر توجد هنا. أو أن يوم الكذب العالمي، الاول من نيسان، قد حل بشكل مبكر.

أعلن وزير التعليم، نفتالي بينيت، أنه مع مرور خمسين سنة على حرب «الأيام الستة» ستكون السنة الدراسية القادمة باسم «القدس الموحدة». وأعلنت نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوطوبلي، عن حملة جديدة تقول للعالم إن «عودة اليهود الى يهودا والسامرة» ساهمت في رفاه الفلسطينيين الاقتصادي وكانت في صالحهم. لكن في المكان الاول في حفل الاقنعة الذي تعيشه البلاد قبل الموعد، كان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب «يوجد مستقبل «، يائير لابيد، قد اختلفا حول ما اصبح يسمى «الخلاف حول الائتمان» من اجل ازالة الشعارات واللافتات التي قام بتعليقها نشطاء حركة المقاطعة في محطة القطار السفلي في لندن. من يحتاج الى التهكم، في الوقت الذي توجد فيه مجموعة كهذه في الحكم والتي تملأ قلوبنا بالفرح والضحك.

ليست هناك حاجة للحديث كثيرا عن القدس في السنة الماضية. الانقسام بين شرقي المدينة وغربها لم يسبق له أن كان بهذا الشكل، أعمق وأكثر دموية. رئيس الحكومة البريطاني، ديفيد كامرون، صديق اسرائيل الكبير، اعتبر أن البناء في «شرقي القدس المحتل أمر مزعزع».

واذا اعتقد وزير التعليم أن الطلاب في اسرائيل سيوافقون على أن تكون عاصمة اسرائيل موحدة، فليعلم أنهم أكثر ثقافة مما اعتقد. مبادرة نائبة وزير الخارجية تمنح بينيت جولة جيدة. فالدبلوماسية رقم 2 عندنا تؤمن أن الدعاية الاسرائيلية الضعيفة وقليلة الميزانيات والتي تفشل ايضا في مهمات أسهل، ستنجح في تغيير موقف المجتمع الدولي فيما يتعلق بـ»المناطق» المحتلة في 1967. بالاعتماد على جورج اورويل الذي قال إن الحرب هي سلام وإن الحرية هي عبودية وإن الجهل هو قوة، فان حوطوبلي تخرج في حملة دولية للاقناع بأن الوضع القانوني في «المناطق» ليس «احتلالا» وأن وجود اسرائيل في الضفة الغربية مشروع وقانوني واخلاقي وهو من منطلق الحق التاريخي والتوراتي.

كما أن اسرائيل حصلت على هذه «المناطق» في حالة الدفاع عن النفس. «سنة 2017 ستكون سنة احتفالية حيث سنبدأ أخيرا بالحديث بشكل ايجابي عن وجودنا في يهودا والسامرة. فنحن نجري المفاوضات منذ 25 سنة حول مستقبل المناطق، من اوسلو حتى انابوليس، لكننا نسينا الرواية»، قالت، هذا الاسبوع. ما هي الرواية؟ سألت. «الاحتلال ليس احتلالا»، أجابت، واضافت: «حقيقة أن محكمة العدل العليا عندنا لم تعتبر المناطق في أي قرار على أنها منطقة محتلة.

ونحن سنقوم بتفكيك هذه الكلمة». هل سيكفي هذا من اجل أن يفتح العالم عيونه؟ «لم نجرب ذلك بعد»، قالت، «لا أريد تحطيم احلام السلام لأي أحد. لو جاء سادات فلسطيني فسيكون بالامكان الحديث. لكن حينها ايضا يجب علينا اجراء المفاوضات بعد القول إن لنا حقا في الارض». ذكرتها بأن السادات المصري حصل على كل سيناء حتى آخر شبر، فقالت: «من الواضح أنني أفكر بأننا يجب علينا البقاء في يهودا والسامرة في كل الاحوال». سألتها اذا كان رئيسها وزير الخارجية نتنياهو يتفق معها.

فرحت وأجابت بالايجاب، «رئيس الحكومة في جميع لقاءاته مع الشخصيات الاجنبية، التي اشارك فيها، يشدد على أمرين هما أنه لا يمكن تخيل خطوات أحادية الجانب اليوم وأن أي تفكير لاخلاء المستوطنات هو تطهير عرقي». بدت حوطوبلي متفائلة ومنفعلة. وهي تبدو كذلك دائما. إنه الايمان بعدالة طريقها كما يبدو. هي ليست ساذجة ولا غبية.

ومن المشكوك فيه أنها تقتنع بوجود شخص عقلاني واحد في العالم سيشتري هذه البضاعة. لكن مصوتي «الليكود» سيحبون ذلك. وهذا هو المهم. شبان البوستر الآن الى المكان الاول. لم يحلم اعضاء حركة المقاطعة الـ»بي.دي.اس» أن ينتج عن الملصقات في لندن، ثمار كهذه.

وأمام عدسات التلفاز، رئيس حكومة اسرائيل وعضو الكنيست الذي يزعم أنه سيخلفه في الانتخابات القادمة، تجادلا فيما بينهما من المسؤول عن انزال اللافتات. وبهذا يعظمون ويرفعون بأيديهم وبأقوالهم الغبية التأثير الذي أراد من يعارضون اسرائيل إحداثه. لابيد، الذي يثق بنفسه، وصف في جلسة حزبه تجنده من اجل تطهير القطار السفلي وازالة ما تم الصاقه على الجدران كخطوة بطولية وقيادية. «الحكومة كالعادة لا تفعل أي شيء.

لقد اتصلت برئيس بلدية لندن وفي الوقت الذي كنا نتحدث فيه كانت اللافتات تُزال». بعد لابيد بدقائق تحدث نتنياهو أمام حزب الليكود بشكل هادئ عن أنه اتصل هاتفيا بمدير عام وزارة الخارجية، دوري غولد، الذي يوجد في ساحة الجريمة وطلب منه العمل على هذا الامر

. إن لبيد في المعارضة، وهو بحاجة الى زج نفسه في العناوين بأي طريقة. أما نتنياهو فهو رئيس الحكومة. فلماذا ينجر وراء الافعال الصبيانية للبيد الذي بذل جهده في السنة الماضية وبنجاح من اجل أن ينسى الجمهور حقيقة أنه وزير فاشل للمالية.

كان من الافضل لو أن رئيس الحكومة قال إن وزارة الخارجية أو السفارة قد اهتمتا بهذا الامر مسبقا، لاسيما أنه تبين أنه تمت ازالة اللافتات مسبقا من قبل عمال النظافة التابعين للقطار السفلي بأمر من الادارة، دون أي صلة بالهرج والمرج في قيادة اسرائيل التي أثبتت لنا مجددا قدرتها على الاهتمام بالامور التافهة وإحداث نقاشات عن لا شيء. إن قلق وزير المالية السابق الذي بادر الى خطة ضريبة قيمة مضافة صفر حول الوضع السيئ لاسرائيل بين شعوب العالم، دفعه هذا الاسبوع الى أحضان من كان بالفعل وزيرا للخارجية، عضو الكنيست افيغدور ليبرمان (اسرائيل بيتنا).

يوم الاثنين القادم سيجتمعان في الكنيست «اجتماع طوارئ»، كما جاء في اعلان المتحدث بلسان «يوجد مستقبل»، تحت عنوان «سنناضل من اجل مكانة اسرائيل في العالم». لا حاجة الى يوم تعليم طويل حتى نفهم لماذا اختار لبيد ليبرمان (وليس اسحق هرتسوغ رئيس المعارضة) شريكا له في الاستعراض الذي هو جزء اضافي من قناع «وزير الخارجية الفعلي» الذي يضعه على نفسه على مدى ايام السنة. ليبرمان هو يمين عملي وليس ايديولوجيا، ليبرمان عنيد، ليبرمان يبث القوة والزعرنة.

كل هذه الصفات يرغب لابيد فيها جدا. رئيس «اسرائيل بيتنا» سيشكل أداة في يد لابيد كي يضع نفسه زعيما لمعسكر الوسط – يمين دون دفع ثمن ذلك. رئيسة حزب ميرتس، زهافا غلئون، التي لها حسابات طويلة مع الاثنين قالت إن هذا تجسيدا لقول «العصفور ذهب الى الغراب». إلا أنه حسب اقوالها، لم تعرف بعد من هو العصفور ومن هو الغراب. يمكن أنه بالنسبة لعدد كبير من مصوتي «يوجد مستقبل»، لا يعتبر ليبرمان مساهما في تحسين صورة اسرائيل في العالم.

تعامله مع اعضاء الكنيست العرب الذين يقترح محاكمتهم «مثل نيرنبرغ» ودعوته لمقاطعة التجارة مع العرب لا تستوي مع مواقف مؤيدي «يوجد مستقبل» الذين يصل معظمهم من معسكر اليسار – وسط. هذا لا يزعج لابيد الذي يصمم على «التمركز» أو أن يصبح يمينيا بأي ثمن انطلاقا من نظرية خاطئة تقول إن ذلك سيجعل مصوتي اليمين يذهبون الى حزبه.

في الوقت الحالي، حسب جميع الاستطلاعات، لابيد يقتطع من قائمة المعسكر الصهيوني الذين يسهل الوصول اليهم، وليس هناك مقعد واحد في الطرف الثاني من النهر قد جاء اليه. سألت هرتسوغ لماذا نسيه لابيد في البيت؟ فأجاب «أتوقع أنهم يتدربون كي يصبحوا وزراء خارجية في حكومتي». يتبين أن لابيد ليس وحده الذي يعيش في فيلم.

عن «هآرتس»