بعد 130 دعوى ضده.. ترامب يواجه القضاة بـ"التهديد والعزل"

57dbf480-00ec-11f0-a1bb-03f8acad060b-file-1741967553475-905220120.webp
حجم الخط

وكالة خبر

تشهد الولايات المتحدة أزمة دستورية غير مسبوقة، إذ تتصاعد التوترات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والجهاز القضائي الفيدرالي، فبعد إعادة انتخابه لولاية ثانية، يواجه ترامب أكثر من 130 دعوى قضائية، معظمها مرتبط بإلغاء الوكالات الحكومية وأوامر تنفيذية مثيرة للجدل، الأزمة الحالية تعكس تآكل الضوابط والتوازنات التي تحمي الديمقراطية الأمريكية، وسط غياب معارضة قوية، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".

ترامب في مواجهة المحكمة العليا

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أرسل ترامب رسالة تهديد غير مباشرة إلى رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، عبر منصته "Truth Social"، إذ قال: "هدفنا هو جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، ولا يمكن تحقيق ذلك إذا سُمح للقضاة المتطرفين بالوقوف في طريق العدالة"، وأضاف: "إذا لم يقم القاضي روبرتس والمحكمة العليا بإصلاح هذا الوضع السام فورًا، فستكون هناك مشكلات!".

هذه التصريحات غير المسبوقة من رئيس أمريكي تعكس بوضوح مدى الأزمة الدستورية التي تعصف بالبلاد، إذ لم يسبق لأي رئيس في التاريخ الحديث أن هدد المحكمة العليا علنًا، في الوقت نفسه، وعلى الرغم من هذا التصعيد، لم تشهد الولايات المتحدة احتجاجات واسعة النطاق كما هو الحال في إسرائيل عندما واجه القضاء ضغوطًا سياسية مماثلة، بحسب "نيويورك تايمز".

130 دعوى قضائية

منذ تولي ترامب منصبه، رُفعت ضده أكثر من 130 دعوى قضائية في المحاكم الأمريكية، تتعلق معظمها بقراراته بإلغاء الوكالات الحكومية وأوامر تنفيذية مثل إلغاء منح الجنسية للأطفال المولودين لأبوين مهاجرين غير شرعيين في الولايات المتحدة، كما أوقفت المحاكم محاولات الإدارة لفصل الموظفين الفيدراليين وتسريح الجنود المتحولين جنسيًا من الجيش.

في عشرات الحالات، أصدر قضاة فيدراليون، وفقًا للصحيفة، أوامر تقييدية مؤقتة سارية في جميع أنحاء البلاد، ورغم أن الإدارة لم تنتهك أيًا منها علنًا، إلا أنها تتباطأ في تنفيذها، ما يثير المخاوف من تقويض سلطة القضاء.

 

استخدام قانون الأعداء

كان أخطر انتهاك لقرارات المحكمة هو استناد ترامب إلى قانون صدر عام 1798 يُعرف بـ"قانون الأعداء الأجانب"، الذي استخدم آخر مرة خلال الحرب العالمية الثانية لاحتجاز المهاجرين اليابانيين في معسكرات اعتقال، هذا القانون سمح مؤخرًا بترحيل 300 مواطن فنزويلي دون اتباع الإجراءات القانونية المعتادة.

بعد ترحيل هؤلاء، أصدر رئيس المحكمة الجزئية الفيدرالية في واشنطن، القاضي جيمس بواسبيرج، أمرًا بإعادة الطائرات للتحقيق في شرعية القائمة، لكن القرار لم يُنفذ، كما أصدر القاضي قرارًا بحظر مزيد من الرحلات لحين مراجعة الأمر.

عزل القضاة وتهديد حياتهم

بعد صدور قرار بواسبيرج، شن ترامب هجومًا على القاضي، واصفًا إياه بأنه "ديمقراطي متطرف" و"أحد قضاة أوباما"، واتهمه بمحاولة "اغتصاب سلطة الرئاسة"، وهو خطاب مشابه لما يُستخدم في إسرائيل ضد القضاة المستقلين.

ورد رئيس المحكمة العليا جون روبرتس بتصريح نادر، قائلًا: "لا يوجد في الولايات المتحدة قضاة أوباما أو قضاة ترامب أو قضاة بوش أو كلينتون، منذ أكثر من 200 عام، كان من الثابت أن المساءلة ليست ردًا مناسبًا على الاختلاف مع قرار قضائي".

وفي أعقاب تصريحات ترامب، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتهديدات تستهدف القاضي بواسبيرج، ما يعكس تصاعد المخاوف لدى القضاة الأمريكيين، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شقيقة قاضية المحكمة العليا آمي كوني باريت تلقت رسالة إلكترونية تُهدد بوجود قنبلة في صندوق بريدها.

كما أبلغت خدمة المارشالات الأمريكية، المسؤولة عن أمن القضاة، أن القضاة الفيدراليين يتعرضون لمضايقات، منها تلقي طلبات بيتزا مجهولة المصدر إلى منازلهم.

خطر متزايد على القضاة

تعرض القضاة الفيدراليون في الولايات المتحدة لتهديدات متزايدة، وصلت إلى حد العنف الجسدي، فالقاضية إستر سالاس، التي فقدت ابنها في هجوم مسلح على منزلها عام 2020، صرّحت لـ"نيويورك تايمز": "أشعر وكأن الناس يلعبون الروليت الروسي بحياتنا"، مطالبة القادة السياسيين بتحمل مسؤوليتهم في حماية القضاة.

ويمتلك الكونجرس السلطة للتعامل مع أي انتهاكات لسلطة الحكومة، لكن مع سيطرة الجمهوريين عليه، من غير المرجح اتخاذ أي خطوات للحد من تصرفات ترامب، حتى الحزب الديمقراطي، الذي يُفترض أن يكون في المعارضة، يفتقر إلى قوة سياسية كافية لاتخاذ إجراءات حازمة.

سحب التصاريح الأمنية

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن ترامب أنه سيسحب التصاريح الأمنية لعدد من كبار المسؤولين في إدارة بايدن، بما في ذلك نائبة الرئيس السابقة والمرشحة الرئاسية كامالا هاريس، ووزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، كما شملت القائمة هيلاري كلينتون وليز تشيني، التي قادت التحقيقات في اقتحام مبنى الكابيتول، 6 يناير 2021.

في خطوة مشابهة، ألغى ترامب تصنيف المعلومات السرية الخاصة بالرئيس السابق جو بايدن، بعد أيام من توليه المنصب، ما أثار مخاوف من استخدام السلطة الرئاسية بشكل انتقامي.