اغـتـيــال ســهل جــداً

11
حجم الخط

يتسبب توقيت الموت الغامض للمخرب الفلسطيني عمر نايف زايد في سفارة فلسطين في العاصمة صوفيا بحرج كبير للحكومة البلغارية.
فقد زار رئيس الوزراء بويكو بوريسوف إسرائيل والتقى يوم الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس قبل يوم من العثور على جثة زايد مضرجة بالدماء، قبل بضع ساعات من اعلان النائب العام لبلغاريا بان بلاده تتعاطى مع هذا الموت بصفته جريمة قتل.
في الساعة 7:30 من صباح يوم الجمعة عثر على جثة زايد في ساحة السفارة التي تقع في الحي الدبلوماسي في صوفيا من قبل ابنه وموظف آخر في السفارة. وروى سفير فلسطين احمد المدبوح ان زايد كان لا يزال على قيد الحياة عند العثور عليه وانه توفي بعد استدعاء الفريق الطبي لمعالجته.
زايد، عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حوكم في اسرائيل بالمؤبد على قتل تلميذ مدرسة دينية في العام 1985. في 1990 شرع في اضراب عن الطعام ونقل لتلقي العلاج في المستشفى وهرب. بعد نحو أربع سنوات وصل الى بلغاريا، حيث تزوج من امرأة محلية واقام اسرة. في كانون الاول 2015 طلبت اسرائيل من السلطات البلغارية تسليمه. فاقتحمت شرطة بلغاريا بيته، ولكنه نجح في الفرار مرة اخرى ولجأ الى سفارة فلسطين في صوفيا، والتي تتمتع بحصانة دبلوماسية.
التفاصيل المشوقة على نحو خاص في القضية هي أنه حسب السفير المدبوح، في ساعات الليل لم يكن في مبنى السفارة أحد. وكان زايد ينزل في الليالي وحده في السفارة. وخارج المبنى كانت حراسة من شرطة صوفيا.
اذا كان زايد اجبر بالفعل على القفز او دفع نحو موته ولم ينتحر فان مهمة من سعى الى تصفيته، في التسلل الى المبنى، لم تكن صعبة على نحو خاص. فرجال المهمات في وكالات الاستخبارات، بما في ذلك «الموساد» الاسرائيلي، خبراء في اقتحام مثل هذه الاهداف.
وسواء صفى «الموساد» زايد ام لا، فالمشتبه الاساس هو اسرائيل، بسبب حقيقة انه كان مطلوبا. حكومة اسرائيل لن تعقب بالطبع، ولن تتناول الموضوع. واذا كانت اسرائيل ضالعة في ذلك فان هذا سيكون عملا للموساد الذي مسؤوليته هي العمليات الخاصة خارج الدولة. ويشار الى ان رئيس «الموساد» الجديد، يوسي كوهين، شدد مع تسلمه مهام منصبه على أنه يرى احدى مهامه هي الحفاظ على قدرة الجهاز التنفيذية.
ومع ذلك، روى رفاق زايد بعد موته بان سفارة فلسطين اعطته احساسا بانه غير مرغوب فيه، رغم انها واصلت منحه ملجأ. وحذر رجال السفارة زايد بانه حتى في داخل السفارة هو هدف لمساعي اسرائيل لتصفيته. امكانية اخرى هي أن يكون القاتل أو القتلة من الداخل، احد ما من عاملي السفارة او شخص عرف زايد والتقى به في الليل في المبنى.
الى جانب الشبهات بان هذه تصفية «الموساد»، يطرح السؤال اذا كان هذا باقرار من نتنياهو. نذكر بان العملية تمت عندما كان رئيس الوزراء البلغاري يزور البلاد. والجواب على ذلك ليس قاطعا. فجهاز كالموساد يأخذ في الحسبان اعتبارات الظروف السياسية قبل أن يأمر بعملية حساسة كهذه ولكن من جهة اخرى غير مرة تقرر في الماضي استغلال توفر الفرصة والاحتمال التنفيذي للنجاح وأخذ مخاطر سياسية.
بلغاريا تحت قيادة رئيس الوزراء بوريسوف، والذي هذه ولايته الثانية وفي الماضي كان جنرالا في الشرطة، تعزز منذ 2009 علاقاتها الامنية والاستخبارية مع اسرائيل. وهي شريك في نوع من الحلف الاستراتيجي المربع مع اسرائيل، اليونان وقبرص، والموجه ايضا ضد تركيا. في زيارته الى اسرائيل تحدث نتنياهو وبوريسوف ضمن امور اخرى عن المصلحة المشتركة للدولتين – مكافحة الارهاب.
على هذه الخلفية سيكون هنا من يطرح الاعتقاد بان أجهزة الامن الاسرائيلية والبلغارية تعاونت. كما يذكر، اسرائيل تعاونت ايضا مع السلطات البلغارية في التحقيق في قتل خمسة من السياح الاسرائيليين وسائق الباص البلغاري على ايدي «حزب الله» في تموز 2012، في مدينة بورغاس. في الماضي، ولاسيما في السبعينيات والثمانينيات، عمل «الموساد» في حملات تصفية ضد رجال «م.ت.ف» في اوروبا وفي لبنان. وقد تمت التصفيات في مكاتب، منازل وسيارات اهداف الاغتيال. وحسب منشورات اجنبية استمرت مثل هذه الحملات ضد «الارهابيين» الفلسطينيين أو كبار رجالات «حزب الله» بين الحين والآخر وحتى اليوم. عمليات اغتيال مشابهة، نسبت للموساد اليوم تمت ايضا ضد علماء عملوا في خدمة برنامج التسلح والنووي لصدام حسين في العراق وفي العقد الاخير ضد علماء النووي الايرانيين.
موت زايد، الانتحار او الانتحار المخطط له – يذكر بقضية د. اشرف مروان، المسؤول المصري الذي كان عميل «الموساد» ونقل اخطارا عن حرب يوم الغفران في 1973. فقد عثر على جثته في 2007 على رصيف قرب بيته في لندن. في البداية كان التقدير بانه انتحر ولكن بعد ذلك عثر على دلائل تشير الى انه دفع على ما يبدو من شرفة بيته لخلق الانطباع بانه انتحر. والتقدير هو أن رجال المخابرات المصرية تسببوا بموته انتقاما منه على خيانته.