عندما كانت بعض الفصائل الفلسطينية والقوى القومية واليسارية العربية ترفع شعار أن تحرير فلسطين يمر عبر عمان والقاهرة ودمشق وبغداد الخ كانوا يقصدون أن الفلسطينيين لوحدهم لا يستطيعون تحرير فلسطين ومواجهة إسرائيل والصهيونية العالمية والغرب الاستعماري ويجب تغيير وتثوير الحالة العربية لزجها في معركة التحرير، وكان هذا الشعار يتماشى مع ما ترفعه الأنظمة والأحزاب العربية من مقولة وشعار أن القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى أيضا مع الفكر القومي والثوري السائد آنذاك.
هذه الشعارات والمقولات لم تعمر كثيرا بعد هزيمة ٦٧ وتُركت الثورة الفلسطينية دون تدخل عربي اثناء ايلول الأسود في الأردن 1970 وأثناء الغزو الإسرائيلي للبنان 1982، وتأكد أن القضية ليست قضية العرب الأولى، وكيف تكون كذلك مع التطبيع مع اسرائيل ومن لم تطبع فعلى أراضيها قواعد أمريكية وغربية وتربطها اتفاقات أمنية مع واشنطن وهذا النوع من العلاقات لا يختلف كثيرا عن التطبيع.
وجاء المد الإسلامي في ظل تراجع المد القومي وجاءت الحركات الإسلامية الفلسطينية، حماس والجهاد الإسلامي، وبدلا من أن تستفيد من تجربة منظمة التحرير راهنت أيضا على حلفاء خارجيين ولكن من منظور إسلامي وحلت جبهة الإسناد ومحور المقاومة محل جبهة الصمود والتحدي، والمراهنة على الأمة الإسلامية والبعد الإسلامي بدل الأمة العربية والبعد القومي، ولم تكن النتيجة أفضل حالا.
المطلوب ودون قطع صلتنا بالبعدين العربي والإسلامي، أن نتخلى عن ايديولوجيات ومعتقدات الوهم والتضليل وأن نبحث عن مصادر قوتنا الوطنية الداخلية وتوحيدها، لأن أهم مصادر القوة، في ظل هذه الهجمة الصهيونية الأمريكية والعجز العربي والإسلامي وحتى الدولي، هو وحدة الشعب والهوية داخل فلسطين وخارجها وتعزيز ثمود الشعب داخل فلسطين وخصوصا في قطاع غزة.
تعلم أن إمكانيات الشعب الفلسطيني محدودة ولكن إن تم توظيفها بشكل عقلاني ستكون أكثر جدوى من المراهنة على حلفاء وهميين يوظفون القضية لصالحهم ومستعدون أن يتخلوا عنها في حالة تضرر مصالحهم.