حـــــلّ ديـــمـــغــرافـــي لــــغــــزة!

1
حجم الخط

غزة توجد في العناوين، ليس فقط بسبب الأنفاق. رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي ليفي، اثناء استعراضه في لجنة الخارجية والأمن في الأسبوع الماضي، تحدث عن التدهور الاقتصادي وتأثيره في قطاع غزة. وكذلك الحكومة أيضا. الوضع الحالي في غزة – نقص في مياه الشرب، نقص في الكهرباء، البطالة، الجوع، إضافة الى عدم وجود الإعمار – هو الذي يجعل مئات آلاف الغزيين يعرضون حياتهم للخطر من اجل محاولة الدخول الى إسرائيل لإيجاد العمل. وهذا هو الوضع المقلق الذي يتحدث عنه رئيس الاستخبارات العسكرية. إن سيناريو آلاف السكان الذين يقتحمون الحدود مع إسرائيل والرد العسكري على ذلك قد يعملان على تدهور الوضع الى اتجاهات غير مرغوب فيها. ليس الوضع في غزة نتيجة الجرف الصامد فقط. ففي حرب التحرير قام الكثيرون من العرب في جنوب البلاد ومركزها بالذهاب الى المنطقة الصغيرة في القطاع وحولوها الى مخيم واحد كبير للاجئين. وخلال فترة بسيطة تحول الى دفيئة للإرهاب. كانت اسرائيل تعرف الغليان في غزة، وبعد حرب الايام الستة اقترح الوزير بدون وزارة، شمعون بيريس، المباشرة في عملية دولية لبناء بيوت دائمة للاجئين والقضاء على المخيمات. إلا أنه بسبب ضغط الدول العربية التي عارضت أي حل لمشكلة اللاجئين باستثناء «حق العودة»، توقفت هذه الفكرة من قبل الأمم المتحدة. أيضا «خطط السلام» المختلفة تجاهلت مشكلة غزة الحقيقية. جهات أجنبية، على رأسها تركيا، تتهم إسرائيل بالوضع الصعب في غزة وتتجاهل عن قصد، ليس فقط عن التاريخ والظروف التي أدت الى عملية الجرف الصامد والدمار الذي جاء بعد ذلك – رغم حقيقة انسحاب اسرائيل من جميع اراضي القطاع وعدم وجود مسؤولية قانونية أو أخلاقية – ما زالت اسرائيل متهمة بالمسؤولية عن الحصار الأمني على القطاع. الحقائق مختلفة: مصر والسلطة الفلسطينية هما السيادة في غزة، وكل واحدة لها أسبابها التي تدفعها الى عدم الاهتمام بإعمار القطاع طالما أن «حماس» تسيطر عليه. أما «حماس» فهي لا تريد الحرب الآن ولا تريد أيضا السلام الذي يصنع الإعمار الحقيقي في القطاع أو في جزء منه. دول عربية مختلفة أيضا وعدت بالمساعدات المالية وهي تتجاهل وعودها. أما وكالة الغوث للاجئين، من اجل تبرير وجودها، لا تسارع الى إعادة الوضع الى طبيعته. والنتيجة هي: صفر إعمار وصب المزيد من الزيت على النار. لن تكون حلول لمشكلات غزة حتى لو وجد حل سياسي أو تم رفع الحصار، دون الحديث عن المشكلة الديمغرافية. أي الحاجة إلى نقل عدد كبير من السكان إلى خارج القطاع، سواء الى مناطق السلطة الفلسطينية أو إلى إحدى الدول العربية.