تكشف زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحالية للسعودية، عن تحول لافت في العلاقات الأمريكية-السعودية، مُقارنة بزيارة سلفه جو بايدن عام 2022، إذ تشير الاختلافات الرئيسية بين الزيارتين إلى انعكاسات محتملة على مستقبل العلاقات بين واشنطن والرياض.
"قبضة اليد" والمصافحة الودية
شهدت زيارة الرئيس بايدن للمملكة في 2022 استقبالًا متواضعًا، إذ لم يكن في مقدمة مستقبليه في المطار لدى وصوله، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بل استقبله مسؤولون أقل رتبة، منهم أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، والسفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر.
أما اللقاء مع ولي العهد السعودي في قصر السلام الملكي، فقد أثار جدلًا واسعًا؛ بسبب استبدال المصافحة التقليدية بتحية "قبضة اليد" (فيست بمب)، في مشهد عكس فتورًا واضحًا في العلاقات بين الجانبين.
في المقابل، حظي ترامب باستقبال حافل في زيارته الحالية، إذ كان ولي العهد السعودي شخصيًا في مقدمة مستقبليه في مطار الملك خالد الدولي، وفُرش له السجاد الأرجواني لاستقباله، وأُحيط بحراسة عسكرية مهيبة، كما شوهد ترامب يلوّح بقبضة يده في الهواء عندما لمح ولي العهد، قبل أن يتصافح معه بحرارة، في مشهد عكس دفء العلاقات بين الزعيمين.
من زيارة متوترة إلى أخرى استراتيجية
لم تكن زيارة بايدن للسعودية سهلة سياسيًا، إذ جاءت بعد تصريحات انتخابية حادة ضد الرياض؛ مما وضعه في موقف دبلوماسي حرج. وقد أدركت إدارة بايدن أن التحالف مع السعودية أهم من أن يُترك في حالة جمود، فمضت قدمًا في الزيارة رغم التكلفة السياسية.
رغم التحديات، نجح البيت الأبيض آنذاك في تحقيق بعض المكاسب الدبلوماسية، وبناء شبكات أمريكية اتصالات الجيل الخامس، إلا أن المراقبين اعتبروا هذه المكاسب محدودة مقارنة بالثمن السياسي الذي دفعه الرئيس الأمريكي.
أما زيارة ترامب الحالية، فتأتي في سياق مختلف تمامًا، إذ تعد أول رحلة خارجية رئيسية له في فترة رئاسته الثانية، مما يعكس أولوية المنطقة في سياسته الخارجية. وتركز الزيارة بشكل أساسي على تأمين استثمارات سعودية في الولايات المتحدة، ضمن جولة إقليمية تشمل أيضًا قطر والإمارات العربية المتحدة.
مراسم رفيعة المستوى
يشارك ترامب خلال زيارته الحالية في سلسلة من المراسم والاجتماعات رفيعة المستوى، تبدأ بمراسم تقديم القهوة والشاي مع ولي العهد والمسؤولين في الغرفة الزرقاء الاحتفالية.
كما حظيت طائرة الرئيس الأمريكي ترامب، "إير فورس ون"، بمواكبة من طائرات "إف-15" سعودية أثناء هبوطها، في مشهد يعكس حفاوة الاستقبال.
وقد سار ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي على السجاد الأرجواني وسط اصطفاف المسؤولين ورجال الأمن، قبل التوجه معًا إلى القصر الملكي لحضور مراسم الوصول الرسمية.
ويتضمن جدول أعمال ترامب غداءً مع الرؤساء التنفيذيين، سلسلة من الاجتماعات الثنائية، تليها مراسم توقيع اتفاقيات بين البلدين.
ويرافق ترامب في زيارته وفد أمريكي رفيع المستوى، يضم وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسث، مما يعكس أهمية هذه الزيارة في السياسة الخارجية الأمريكية.