كسر الهلال السعودي حاجزًا تاريخيًا بإسقاطه مانشستر سيتي في مباراة ستظل محفورة في ذاكرة كرة القدم، ليوقف بذلك المسيرة الكاملة من الانتصارات التي سطرها المدرب الإسباني بيب جوارديولا أمام الأندية العربية، ويمنحه أول هزيمة له على يد نادٍ عربي، في ليلة شهدت كل معاني التحدي والإيمان والانتصار.
ففي لقاءٍ لا يُنسى ضمن ثمن نهائي كأس العالم للأندية، قلب الهلال تأخره إلى فوز مثير بنتيجة 4-3 على بطل إنجلترا، مقدمًا واحدا من أعظم عروضه الكروية، أمام فريق ضمن الأقوى عالميًا من حيث التتويجات والأسلوب والانضباط التكتيكي.
لم يكتفِ الهلال بتقديم أداء رجولي ومذهل، بل استطاع أن يفرض إيقاعه في لحظات كثيرة من المباراة، مستغلًا الثغرات في الخط الخلفي للسيتي، ومترجمًا كل هفوة إلى تهديد، وكل فرصة إلى احتمال انتصار.
على الجانب الآخر، عاش بيب جوارديولا مشهدًا غير مألوف.
فالرجل الذي اعتاد التفوق التام أمام الأندية العربية، وجد نفسه محاصرًا بأسئلة لم تطرح عليه من قبل.
فالتاريخ يقول إنه لم يُهزم يومًا أمام نادٍ عربي منذ أن بدأ مسيرته التدريبية، حيث دك شباك السد القطري برباعية في نصف نهائي مونديال الأندية 2011 رفقة برشلونة، ثم عاد بعد عامين ليقود بايرن ميونيخ للتتويج باللقب العالمي بعد فوز على الرجاء المغربي في نهائي 2013.
وحتى في النسخة الجارية من البطولة، واصل المدرب الإسباني سطوته بانتصار على الوداد المغربي بهدفين نظيفين، ثم اكتساح العين الإماراتي بسداسية، قبل أن يضع الهلال نهاية حاسمة لتلك السلسلة التاريخية.
الهلال لم يهزم السيتي فحسب، بل هزم الفكرة التي تقول إن الأندية العربية لا تقدر على مواجهة عمالقة أوروبا، فعلها بفريق مكتمل النضج، مدجج بالنجوم، ومدفوع بروح جماهيرية وشخصية تنظيمية تحولت في السنوات الأخيرة إلى نموذج إقليمي ودولي. الفوز لم يكن تكتيكيًا فقط، بل ذهنيًا ومعنويًا في آنٍ معًا، كما أنه عزز من صورة الهلال كنادٍ لا يرضى بأن يكون مجرد ضيف في البطولات الكبرى، بل يسعى ليكون بطلًا حقيقيًا.
بهذا الإنجاز، وضع الهلال نفسه بين الصفوة، ووجه رسالة قوية لجميع خصومه في البطولة، أنه لا وجود لرهبة الأسماء أو الألقاب، ما دام هناك إيمان بالفوز، وأسلوب واضح، وأداء يُترجم الطموح إلى واقع.
أما بيب جوارديولا، فسيكتب في سجله من الآن وصاعدًا أن هناك ناديًا عربيًا استطاع أن يوقف زحفه، ويجبره على النظر طويلًا إلى دكة بدلاءه بحثًا عن حل لم يجده.
الهلال بلغ ربع النهائي، لكن ما فعله يتجاوز مجرد التأهل، لقد كتب صفحة جديدة في مواجهات العرب مع الكبار، وكسر سلسلة كان يُعتقد أنها لن تنكسر، وفتح بابًا جديدًا للثقة والطموح أمام أندية المنطقة بأسرها.