اليوم يبدأ المجلس الثوري دورته الجديدة وعيون الفتحاويون والشعب الفلسطيني تشخص الى ما قد يتمخض عنها. لا سيما وان اللحظة السياسية وتعقيداتها تطرح اسئلة شائكة تصيب جوهر القضية الوطنية، ويتلازم معها الاسئلة المتعلقة بمستقبل حركة فتح ودورها ومكانتها
لا يعرف المرء، إن كان يستشعر أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح الاخطار المحيقة بالقضية والمشروع الوطني، ودور حركتهم في تحمل المسؤوليات الملقاة عليها تجاه مصالح الشعب العليا ام لا؟ وهل يدركون ان الحالة الوطنية والتنظيمية لا تسر صديق ولا تكيد عدو؟ وهل هم متنبهون للمتربصين بحركتهم في الداخل والخارج؟ واذا كانوا فعلا متنبهون لما يرسم ويدبر لحركتهم، هل يمكن ان يفسروا لانفسهم قبل ان يوضحوا للقواعد والانصار والمواطنين عموما، لماذا هذا التآكل والنهش للذات الفتحاوية؟ ولماذا يقدمون مجانا حركتهم وتجربتهم لقمة سائغة لكل من يستهدفهم؟ وإلى متى ستبقى حالة التعثر والارباك؟ ومن له مصلحة في إستمرار الازمات تنخر المؤسسة التنظيمية؟ وألم يحن الوقت لعقد المؤتمر السابع؟ ومتى سيعقد المجلس الوطني في دورته الجديدة؟ ومتى ستوضع خطة خارطة طريق للخروج من نفق الانقلاب الاسود وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية؟ واين هي اللجان وخلايا الازمات لمعالجة الملفات الداخلية والوطنية ام هناك رضى عن الذات والحالة الفلسطينية؟ وماذا ينتظر المعنيون واصحاب الاختصاص؟
الاسئلة المثارة لم تأت من فراغ ولا هي اسئلة عبثية، يطرحها المرء لمجرد الثرثرة او لتحميل اعضاء المجلس واللجنة المركزية وحركة فتح عموما أكثر مما تحتمل. انها اسئلة يثيرها الشارع الفلسطيني بكل اطيافه ومشاربه، حتى خصوم حركة فتح ومن ينافسها على مركز القرار، لان الحركة مازالت حتى اللحظة، هي سيدة القرار السياسي، وهي، التي تقود منظمة التحرير. ولادراك الكل الوطني ان نهوض حركة فتح، يعني مباشرة نهوض الحركة الوطنية، وإستعادة العافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، رغم كل التعقيدات والتحديات المنتصبة والمحيطة بالقضية الوطنية.
ولا يخفي المراقب على اعضاء المجلس الثوري واللجنة المركزية، أن الرهان على دورهم ضعيف إن لم يكن شبه معدوم. لان الواقع الماثل لا يبشر بامكانية إحداث نقلة نوعية على المستويين الفتحاوي والوطني. وهذا الاستنتاج الاستشرافي المدون ليس الهدف منه مضاعفة إحباط الهمم، بقدر ما يستهدف شحذها، وتحفيز كل عضو على انفراد وبشكل جماعي للنهوض بحركتهم من خلال التأصيل لدور المؤسسة والتخلي عن منطق اللامبالاة، وقصر الاهتمام على الحساب الشخصي والخاص في الجوهر، وحصر القضايا العامة في البعد الشكلي والاعلامي فقط. آن الاوان للحركة ان تنتصر لذاتها ودورها ومكانتها، وتنتصر للشراكة السياسية الحقيقية، والعمل بخطى حثيثة وسريعة لانجاز استحقاقات المؤتمر السابع والدورة الجديدة للمجلس الوطني ووضع رؤية برنامجية جديدة تستجيب لمصالح واهداف التحرر الوطني، والاندفاع بقوة للمصالحة الوطنية، ووضع خطة وخارطة طريق لطي الانقلاب مرة والى الابد والاعداد للانتخابات كلها، وعدم الوقوف في طابور الانتظار إلى ما شاء الله، وتبني الهبة الشعبية بقوة، وتحمل المسؤوليات الوطنية كاملة دون تردد او تعلثم.
التمنيات المرتجاة والمتوخاة من الدورة الجديدة كبيرة وطموحة. ولكن كل يوم تأخير في إستنهاض الذات والقوى والمنظمة والشعب، يعني الغرق أكثر فأكثر في مستنقع الضياع. ولا يعتقد المرء، ان هناك وطنيا اومسؤولا يقبل لذاته ومشروعه الوطني التبديد، لان لا قيمة لاي ذات مهما علا شأنها دون النهوض التنظيمي والوطني العام. فهل تكون الدورة الجديدة على مستوى الرهان؟ الجواب عند اعضاء المجلس الثوري واللجنة المركزية.