نحاكم أم نصفق للذكاء الاصطناعي؟ سؤال سيسكن عقول وقلوب العالم بأسره، تماماً كما جرى مع كل تقنية ابتكرها الإنسان، من زمن الكهرباء مروراً بالمذياع والتلفاز والتلكس والفاكس، ووصولاً إلى الإنترنت. فالكل تكنولوجيا، تُخرج إلى النور منافعها ومضارها وفقاً لما يرتبط بها من تطبيقات يستحدثها الإنسان وما يمتلكه (أو لا يمتلكه) من أخلاقٍ وقيمٍ وأبعادٍ وأهداف.
فمع كتابة هذه الكلمات تقصف دولة الاحتلال الإسرائيلي الآمنين في قطاع غزة، موظفة الذكاء الاصطناعي في التخطيط لهجماتها، وتحديدها لبنك أهدافها، وإعدادها للتنفيذ بما يشمل صنوف السلاح ولحظة التنفيذ.
في المقابل، تقدم الصين نموذجاً نقيضاً لهذا الحقد، فتأتي بعد أن أطلقت عام 2024 ومن خلال جامعة تشنغوا، مشفى الذكاء الاصطناعي الأول،الذي يوفر هذه التقانة في التطبب والعلاج، لتعود اليوم وتعزز هذا المشفى هذا العام بالمزيد من الاختصاصات والميّزات، وليصل عدد الأطباء "المستحدثين" العاملين في الذكاء الاصطناعي إلى اثنين وأربعين طبيباً، يعملون في واحد وعشرين قسماً تشمل تخصصات الأطفال والقلب والدماغ وغيرها، بما يمكنهم من علاج عشرة آلاف حالة خلال أيام وهو ما زال يستغرق عامين في مشافي العالم، أما معدل نجاح العمليات التي تُجرى في ذلك المشفى باستخدام الذكاء الاصطناعي فقد فاقت الـ 93%.
فارق هائل بين من يحفظ الحياة ومن يختطفها، من يخدم البشر ومن يسحقهم... فهل نحاكم الذكاء الاصطناعي، أم نصفق له؟ الجواب ليس في الآلة ولا في التطبيق، وإنما في قلب الإنسان وعقله وأحكامه ونواياه ومبادئه وأخلاقه وقيمه.
