غـوش عصـيـون .. الــمـفــتـرق الأكــثــر رعـبــاً

20160403151208
حجم الخط

مفترق غوش عصيون هو ميدان الدولة الجديد. أغلبية الاسرائيليين لم يمروا من هنا في الأيام الأخيرة. أغلبيتهم لم تكن هنا منذ سنوات. ومن المشكوك فيه أنهم جاءوا الى هنا أصلا. لكن من يريد معرفة أخبار الاحتلال وكيف تبدو الدولة المسؤولة عنه مدعو للمجيء الى هنا، الى المفترق الاكثر بشاعة في البلاد، الميدان الأكثر تسليحاً، والى المكان الاكثر انحطاطا في اسرائيل.
نصف ساعة سفر من القدس وساعة من تل ابيب – قلب الدولة وقلب التوافق. ما نراه هناك الآن كان يجب أن يثير التفكير الصعب لدى العابرين الذين في معظمهم مستوطنون. لكن جميع الاسرائيليين كان عليهم أن يعرفوا كيف يبدو الامر هناك الآن. مفترق غوش عصيون وليس دوار «غوتسي» في شارع هـ باير في تل ابيب. إنه دوار الدولة. من هنا يبدو المظهر الحقيقي: دولة محصنة وعنيفة وخائفة وهي مصممة على العيش على السيف.
المانيا الشرقية أصبحت هنا. وكلاب الحراسة ايضا هي كلاب المانية. كل شيء يتصرف بعنف وتهديد. على الطريق بين القدس والخليل يوجد دوار دائري. الاهمال الذي يميز مفترقات المستوطنات يصل الى الذروة. وفقط مفترق تفوح أكثر بشاعة من هذا المفترق. الفلسطينيون يسمون مفترق حلحول القريب «دوار الموت»، لكن هنا سُفك دم أكثر. مكعبات اسمنتية ألصقت عليها شعارات قومية متطرفة وعلم اسرائيل رُسم عليها بالالوان، وكأن عدد الاعلام المرسومة يحدد حجم السيادة، ومفترق غوش عصيون لنا. فهنا يسكن الاجماع الوطني، الحقيقي أو المفبرك. اسألوا كل شخص.
عشرات الجنود المسلحين يحيطون بالمفترق من كل الاتجاهات وهم محصنون من أخمص القدم حتى الرأس، ووجوههم التي تظهر بصعوبة تعبر إما عن التهديد أو الرعب. وهم يوجدون من وراء الاسمنت والاصبع على الزناد 24 ساعة في اليوم وسبعة ايام في الاسبوع. أبراج حراسة وكاميرات أمنية وأماكن فحص وجدران حديدية وحواجز – هنا وهناك في «ارض اسرائيل الكاملة» والرائعة، وحوش حديدية وسيارات الجيش والشرطة والكلاب التي توجد خلف الحديد وهي مربوطة مع الجنود وتشتبه بكل فلسطيني وتخلق الشعور بالرعب.
محطات السفر للمستوطنين مملوءة دائماً، وهي محاطة بالمكعبات الاسمنية وقضبان الحديد. كل محطة للباصات محصنة. وكل فلسطيني هو جسم مشبوه. وأي حركة غير صحيحة منه تفقده حياته. بعد كل العمليات التي كانت هنا فان هذا هو مركز الاحداث الحالية. فالاجواء متوترة والجنود بحالة عصبية. لم يسبق أن كان هذا المفترق كما يبدو اليوم: قلعة محصنة من كل الاتجاهات ومسلحة.
حينما مررت، هذا الاسبوع، من هناك سألت نفسي مرة اخرى ما الذي يفكر فيه المستوطنون الذين يمرون من هناك كل يوم. هل يخافون؟ هل يعترفون بذلك؟ هل تمر في ذهنهم الافكار المزعجة التي يفترض أن لا يكون مناص منها؟ ما الذي يفعلونه هناك؟ هل كل ذلك جدير؟ هل يريدون بالفعل أن يعيشوا هكذا؟.
هل من الصحيح أن يطلبوا من الجيش الاسرائيلي الوقوف هنا ليلا ونهارا وفي كل احوال الطقس فقط للدفاع عن ايمانهم وشره العقارات عندهم؟ هل من الاخلاقي تربية الأولاد في هذا المفترق؟ هل هم على استعداد للعيش هكذا الى الأبد، على البنادق والجدران؟ هل هذه حياة عقلانية؟ هل يتخيلون أن الفلسطينيين سيتنازلون في أي وقت عن هذا المفترق الذي أنشئ بالقوة على اراضيهم ورغم ارادتهم مثل باقي المستوطنات الكبيرة المحيطة؟ هل هؤلاء المستوطنون، اغلبيتهم ليسوا من «شبيبة التلال»، يعتقدون أن الفلسطينيين سيتنازلون عن حقهم؟ هل في الأصل توجد لهم حقوق؟.
   السيارات تمر ومثلها الافكار. أريد الانصراف من هنا.