تمر اليوم، التاسع من أيلول 2025، الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل القائد الوطني والمفكر التقدمي بشير البرغوثي (أبو العبد)، أحد أبرز مؤسسي الحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب لاحقًا).
تأتي هذه الذكرى في ظل أوضاع غاية في الصعوبة: عدوان وحشي وحرب إبادة يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، وتصعيد محموم في الاستيطان ومحاولات الضم والتهويد في الضفة والقدس، وفي مرحلة خطرة تحاول فيها حكومة الاحتلال الفاشية في تل أبيب تصفية القضية الفلسطينية. لكنها كما فشلت سابقًا، ستفشل مجددًا، بفعل كفاح شعبنا وصموده، وابتداعه لأشكال المقاومة المناسبة لكل مرحلة، وأبرزها المقاومة الشعبية التي أنجبت الانتفاضة الكبرى عام 1987، كأحد أنضج أشكال النضال الفلسطيني.
إن طرق الكفاح وأساليب النضال التي ساهم أبو العبد في رسم معالمها هي التي أحبطت مشاريع التهجير والتوطين، ومكّنت شعبنا من البقاء في وطنه، وهي التي أسقطت "روابط القرى" التي تعود برؤوسها المشبوهة اليوم، لكن شعبنا – رغم الجراح والألم سيسقطها من جديد. نستذكرك اليوم، أبا العبد، القائد الفذ والمفكر التقدمي، الذي عُرف بحكمته وبصيرته، ومع رفاقه رسم ملامح ملحمة البقاء والصمود، ورسّخ قيم الإيمان بأن هذا الشعب لا يُقلع، ولا يُهزم، ولا يُنهك.
سيبقى شامخًا، منزرعًا في أرضه كشجر الزيتون. نستلهم من عطائك الدروس والعبر لمسيرة طويلة من النضال الوطني، ونعاهدك ألا تتوه البوصلة في زمن تغيب فيه القيم ويغيب العقل، وتزداد فيه المزايدات.
نفتقدك اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما نفتقد الكثير من القامات في لحظة وطنية حرجة، لكننا ما زلنا نؤمن أن الحفاظ على الوطن وسلامة المواطنين والدفاع عن حقوقهم وكرامتهم يتطلب منا أيضاً صون الحزب الذي بنيتموه وعمدتموه بقيم ومبادىء نبيلة وقدمتم له حياتكم، واجب وطني وأخلاقي، وأن صون مسيرته وتعزيز مكانته مهمة مستمرة تتطلب وضوحًا ونقاءً.
إنه العهد يا أبا العبد، وكُثُر من تاهوا بعدك، نرجو لهم الصواب. أما أنت، وما زرعت من قيم، فباقٍ في قلوبنا ، ستبقى مشعلًا ينير لنا طريق الكفاح، نحو تحقيق الأهداف التي نذرت لها حياتك: الحرية، العدالة الاجتماعية، وثبات شعبنا على أرضه ، المجد لذكراك، والعهد هو العهد.