دائماً تمسكتُ بموقفي بأنني أفتخر بوطني. أفتخر بأن جيل آباء أجدادي قد رأى الكارثة مسبقا وحاول اقامة ملجأ آمن للشعب اليهودي قبل اندثاره. أفتخر بأن جيل أجدادي حرث وزرع الى أن أنتج هنا شيئاً من لا شيء. أفتخر بأن جيل آبائي صمد في التراجيديا التي فرضت عليه وحارب واستوعب الهجرة وأنشأ الدولة التي كان مجرد قيامها هو شيء استثنائي.
أفتخر بأن جيلي قد أطلق دولة الكتاب الاسرائيلية وحولها الى ديمقراطية ليبرالية مزدهرة تضعها انجازاتها في مقدمة الحضارة الانسانية.
أفتخر بأن جيل أبنائي سيجعل من اسرائيل طبيعية ومكانا متقدا للابداع الذي لا مثيل له. أفتخر بمجيء والد جدتي الى ميناء يافا في العام 1891 لعلاج شعب مريض هنا. لقد تم علاجنا هنا وازدادت قوتنا وبنينا وبُنينا وصنعنا المستحيل.
في الثلاثينيات من القرن الماضي نفذ مخربون يهود اعمالاً فظيعة في الاسواق العربية في القدس ويافا وحيفا.
وفي الاربعينيات حدثت كوارث اللد الصعبة وأبو شوشة والدوايمة والكثير من القرى الاخرى. وبعد ذلك قبية وكفر قاسم واللطرون. الاحتلال والمستوطنات والانتفاضات. حرب وراء حرب في غزة. حرب وراء اخرى في لبنان. ومع ذلك لم نفقد انسانيتنا. وبقينا مخلصين لأنفسنا. الى جانب دافيد بن غوريون كان س. يزهار والى جانب موشيه ديان كان «حوار محاربين»، وضد صبرا وشاتيلا كان اهارون براك.
لقد تبين أن مناحيم بيغن ليبرالي، واسحق شامير كان مترويا، وبنيامين نتنياهو أُحيط لفترة بدان مريدور وبني بيغن ودوريت بينيش. الليل لم ينزل على القدس. الظلمة لم تغط البلاد، وفي أكثر الساعات ظلامية بقي الضوء. كان هناك سبباً ومبرراً للتفاخر.
لكنني الآن أخجل. فأنا أنظر الى حكومتي وعاصمتي وأشعر بالأسى العميق. من هم الذين استوطنوا في مكاتب السيادة في القدس وبدأوا في تمزيق كل ما هو غالٍ وكل ما هو سامٍ وجد هنا.
من هم الزعران والجهلة الذين يشتمون اليساريين طول الوقت ويبحثون عن الخونة وفي الوقت ذاته ينشغلون بإسكات كل انتقاد؟ من هم الاشخاص السيئين الذين كانوا وراء قانون التنحية وبذلك يدنسون الديمقراطية الاسرائيلية؟ من هم قليلو الثقافة الذين يراقبون الكتب ويفرضون سيطرتهم على المسارح ويعملون ضد التعليم العالي الذي بفضله نحن هنا؟.
أيها الوزراء والمنتخبون المحترمون، هل فقدتم عقلكم؟ هل بالفعل أنتم لا تعرفون من كان (اليساري) بنيامين هرتسل ومن كان (اليساري) حاييم وايزمن ومن كان (اليساري) زئيف جابوتنسكي ومن كان (اليساري) دافيد بن غوريون؟ ألا تعرفون شيئا عن كيفية اقامة الحركة القومية اليهودية واقامة «الهيكل الثالث»؟ هل تعتقدون بالفعل أننا نستطيع البقاء والازدهار هنا مثل سبارتا المحصنة والمعزولة واليائسة؟.
إن الحاضر هو ملك لكم أيها الاصوليون. في هذا الوقت توجد لكم الاغلبية المطلوبة والقوة المطلوبة لتدمير كل مؤسسة وتشويه كل قانون وافساد كل قيمة وتدمير كل شيء جيد. لكن الماضي والمستقبل ليس لكم. انظروا الى الوراء – ليس من فعلوا كل ذلك هم اشخاص مثلكم. والصهيونية أنتجها من أمسكوا «ألتنويلاند» بيد وفولتير باليد الثانية، وأقاموا هنا دولة قومية متحضرة.
وانظروا الى الامام – ليس اشخاص ضيقو الأفق مثلكم سينقذون هذه الدولة. في نهاية المطاف ليست لكم فرصة وهذه العجرفة والتشويه ستُسقطكم. الامر سيحتاج الى وقت لكن الصهيونية الحقيقية ستثور ضدكم وتضربكم. اسرائيل ستطهر نفسها من الصورة التي تضعونها الآن في هيكلها.