آليات حكم غزة "المركبة" بقيادة كوشنير و"البديل التمثيلي الجديد"

1707550098-916-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 رغم أن خطة ترامب ببنودها العشرين تضمنت بنودا "غامضة" أو متعددة التفسير، لكن بعد توقيع إعلان شرم الشيخ 13 أكتوبر 2025، بدأت ملامحها تتضح كثيرا، خاصة مع التصريحات المتتالية للرئيس ترامب والناطقين الأمريكيين.

المسألة الجوهرية التي تم توضيحها بشكل كبير، البعد السياسي في خطة ترامب وإعلان شرم الشيخ، بحيث تجاهل كلي للدولة الفلسطينية كما أعلن الرئيس الأمريكي دون أي التباس، فهو لا يشغل وقته ببحث تلك كونها تخص حكومة إسرائيل، موقف يمثل إهانة سياسية لأطراف التحالف الدولي، أصحاب مبادرة المضي قدما بالاعتراف بدولة فلسطين.

لكن الأكثر خطورة سياسية، ما أعلنه مستشاران أمريكيان يوم الخميس 16 أكتوبر 2025 (توقيت فلسطين) بأنه يتم البحث في تشكيل "لجنة إدارة مدنية مهنية" في قطاع غزة بالتواصل مع الأطراف وضمان موافقة حكومة نتنياهو، وليس التورط في النقاشات القديمة حول السيادة والدولة والحكم الذاتي، بل التركيز على جعل غزة مكاناً وظيفياً قابلاً للحياة" و"هذه هي المرة الأولى التي يعتقد فيها كثيرون أنه يمكن إنشاء بديل جديد، لا هو السلطة الفلسطينية ولا حماس، يمكن أن يشكل قيادة جديدة تُمكّن الشعب الفلسطيني من التحرر من الظروف القاسية التي عاشها".

وضوح ناطق جدا، بأن الهدف المركزي الأمريكي القادم هو قيام "حكم كياني خاص" في قطاع غزة، يصبح ممثلا للشعب الفلسطيني، واستعادة إشارة ترامب في خطابه بشرم الشيخ، عندما قال بأنه أنهى حرب عمرها 3000 سنة، ووفقا للرواية التلمودية التي تروجها إدارة ترامب، فغزة هي فقط التعبير الفلسطينية وغيرها إسرائيل.

البعد السياسي لخطة ترامب باتت واضحة تماما بأنها تعمل على استبدال كيانية قطاع غزة بالكيانية الوطنية، ويتطلب ذلك إيجاد وسائل حكم وآليات تنفيذه بما يخدم ذلك الهدف، ولذا الحديث عن تشكيل مجلس السلام برئاسة ترامب، بات مهمة مركزية من أجل صياغة الأهداف اللاحقة، ومنها تحديد مسار آليات العمل التنفيذية.

مجلس السلام هو الحاكم الأعلى المفروض لقطاع غزة، يكلف حاكم تنفيذي، وبات واضحا أن الرئيس الأمريكي اختار غاريد كوشنير بدلا لبلير، كونه صاحب مشروع "غزة الكبرى"، الذي صممه منذ فبراير 2024، أي أنه صاحب الرصاصة الأولى لتدمير القطاع، التي استبقت مؤامرة أكتوبر 2023.

مجلس السلام، يبحث تشكيل ما أسماه "قوة استقرار دولية"، ستتولى مهام الأمن الشامل في قطاع غزة، وتشرف على نزع السلاح بما سيترافق معه من إجراءات، وترسم طريق عمل اللجنة الإدارية، والدور الشرطي الخاص، والذي سيكون أكثر تعقيدا من العمل التقليدي، لما سيكون من بعد انتقامي جراء أحداث سنتي حرب الإبادة.

مجلس السلام ومجلسه التنفيذي، بدأ وضع أول ملامح كيفية استغلال إعادة الإعمار، بأنها ستبدأ في مناطق لا تزال تحت سيطرة جيش الاحتلال، وهنا رسالة سياسية بأن الأمن المرتبط بالمصلحة الإسرائيلية هو طريق البناء الجديد، أي لا إعمار في مناطق يمكن أن يكون بها شبه أمنية.

مسألة إعادة الإعمار في المناطق تحت السيطرة الاحتلالية، تفسر لماذا ترامب يريد أن تبقى حماس زمنا مضافا في قطاع غزة، لاستخدامها ذريعة بعدم الاستقرار الأمني والسياسي وخلق فوضى خاصة، ما يدفع إلى رد فعل شعبي قد يؤدي إلى صراعات متعددة، ما يحقق أهداف ترسيخ أن الفلسطيني غير جاهز للحكم السليم، ما يتطلب "وصاية خاصة".

إعادة إعمار قطاع غزة، بات السلاح الأشد بيد مجلس السلام وأداته التنفيذية، لتمرير المخطط السياسي الكبير، الذي تحددت ملامحه من أقوال ترامب وتصريحات مستشاريه، بأن الهدف المركزي "خلق قيادة جديدة للشعب الفلسطيني"، والتخلص "من القيادة السيئة والقرارات الخاطئة، وهناك بالفعل كثير من الأشخاص المهتمين، وسيقوم (مجلس السلام) في نهاية المطاف باختيار ممثليها، وذلك يمكن أن ينجح كثيراً إذا تم اختيار القادة المناسبين الذين يتحركون بدافع المصلحة العامة، سعياً لإنشاء نظام جديد يختلف عن الأنظمة القديمة".

بالتأكيد، "اللجنة الإدارية" لقطاع غزة، ستكون تحت الاختبار السياسي، فكلما ابتعدت عن هدف الكيانية الوطنية الموحدة (دولة فلسطين)، وتجاوبت مع آليات الحكم التنفيذي باعتبار قطاع غزة هو الكيانية الممكن، سيكون لها فرصة الاستمرار وأن تكون جزءا من "القيادة البديلة"، دون ذلك لن ترى النور.

الرسالة واضحة، بأن اليوم التالي بدأ يتشكل نحو خلق "قيادة جديدة" بديلا للقديمة "السيئة"، فطريق إعادة إعمار قطاع غزة يبدأ من إعادة إعمار الهيكل السياسي.

هل هناك آليات مواجهة فلسطينية للمشروع الترامبي التهويدي، نعم، لكنها تتطلب شجاعة نادرة وقدرة على التحمل الذاتي، وقرارات تجذب الفلسطيني حيثما كان ليدافع عن مشروعه الوطني..قرارات لا ترتهن لحسابات رد فعل هذا وذاك.. فلم يعد هناك ما هو أكثر انحدارا مما هو الآن..ولتكن المواجهة خيار الضرورة الكبرى..دونه لتجهزوا كفن حلم الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين.

ملاحظة: زمن خاص أمضيته مع من دفع غالبية سنين عمره خارج الحياة الإنسانية..من خرج من أسر عدو نحو حرية منقوصة جدا، زمن مع شخصيات حديثها غير نمطي بدون شعارات فخمة رنانة..أدركوا ان الوطن قيمة والتضحية قيمة والحياة أيضا قيمة..زمن معهم منح الروح طاقة مضافة.. سلاما أيها النبلاء السياسيين.. سلاما لكم يا بني وطني المنتظر حريته..

تنويه خاص: بيترو يا بيترو..بترتنا بعشقك الفريد لوطن بات هدفا لكونية استعمارية حديثة..بترتنا بعشقك لشعب طائر الفينيق وزعيمه الخالد ياسر عرفات..الذي يرسل لك قبلاته من حيث هو في سماء الوطن محلقا بروحه.. كانت فلسطين وستبقى فلسطين..ترامب وشلته يشربوا من مجاري غزة لو مش عاجبهم..