انتصار محمد القيق، ثمة كلام ودروس

ريما
حجم الخط

ثمة كلام ما زال عالقا في الحناجر، ثمة دروس ينبغي لحظها، ثمة رجل يحرر نفسه بأمعائه، ثمة قوة ضعيفة تكسر قراراً. ثمة خيال حرّ يتجول في فضاء احتلال فقير الاحلام.

ثمة بطل يخرج من الرواية ليقول: الجوع ليس بكافر على الاطلاق. ثمة إرادة فردية تعاني وتصبر، ثمة كلام لا يموت حتى لو خرجت الروح من جسدها.

ثمة كلام يشبه الطلاسم يتحول الى بيان فصيح للناس، مجرد من «ميكرفونات» السياسي وسماعات الشيخ.

ثمة مسمار جديد قوي يُدَق في نعش الاعتقال الإداري، زرعه خضر عدنان وثبته سامر العيساوي وأعاد إنتاجه محمد القيق، وما زال ثمة مسامير تنتظر شاكوشاً جديداً. في السجون، ثمة تطبيق عملي لنظريات فاحشة الثمن، النصر صبر ساعة، تتجسد على يد رجال بلا أوسمة على الأكتاف، لا يسبق أسماءهم أي لقب كبير، كل ما لديهم سيرة سجن وسجين، تُهَم سرية ولوائح اتهام تؤكد على التمتع بعلامات فارقة ما، من فئات الإرادة وفنون التفاوض ومعايير حسن الأداء. 

ثمة كلام علينا الاعتراف به، الدروس التي علَّمنا اياها «القيق»، خبرة في قلب الأمور رأساً على عقب، القبض على ناصية التفاصيل والشوارد وتوظيفها لنا وليس علينا، تغيير حركة الباب الدوّار، صياغة هياكل الخطاب بالبصمة الفلسطينية. علمتنا كيف نرسم الخطط والثبات في المكان، كيف نتأبط روح المغامرة، كيف ننتقي الأجوبة من ضمن الإجابات الكثيرة . وضع الدوائر الداكنة حول الاجابات الصحيحة واستبعاد الخيارات المستحيلة، وتفاضل بين خيارين اثنين لا ثالث لهما يستندان إلى مرجعية واضحة، الحرية أو الشهادة.

  يستبعد الرجل خيار انتظار صفقات التبادل، بصلته محروقة تقول الزوجة بين السطور، ويستبعد خيار وضع رأسك بين الرؤوس، ليس من هذه الطينة.. تفحص اللجوء الى القانون والمحاكم، تُفضل انتزاع الحرية من بين أسنانهم، اجبارهم على المجيء إلى مربعك؛ هدف غالي الثمن، دون هذه وتلك.. كيف يمكن صناعة السوابق! ستضع في حساباتك العودة الى السجن من بابه الدوّار، لكنك تفضل استراحة المحارب، وانتزاع إجازة من احتلال لا يأخذ اجازة..تعيد خلالها الاعتبار إلى شارة النصر، من حيث مضمونها المختلف عن تلك المرفوعة في الكرنفالات الموسمية. لم تعد تعني لك ولنا في شيء، ولا تُغني ولا تُسمن من جوع.