خطة ترامب لغزة على المحك: وثائق سرية تكشف هشاشة الهدنة

تنزيل (15).jpeg
حجم الخط

وكالة خبر

كشفت وثائق سرية حصلت عليها صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن صورة قاتمة للتحديات التي تعترض طريق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، لا سيما فيما يتعلق بنشر قوة أمنية دولية متعددة الجنسيات لحفظ الاستقرار.

تشير الوثائق إلى أن مسؤولين في إدارة ترامب أعربوا عن قلقهم العميق من احتمال انهيار الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة حماس، بسبب صعوبة تنفيذ بنوده الأساسية وغموض مسار تطبيقه. وقد تم عرض هذه الوثائق خلال ندوة مغلقة استمرت يومين الشهر الماضي، جمعت قادة من القيادة المركزية الأميركية وأعضاء مركز التنسيق المدني العسكري في جنوب إسرائيل، ضمن إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر.

الندوة، التي دعا إليها منسق الأمن الأميركي للسلطة الفلسطينية وإسرائيل، مايكل فينزل، حضرها نحو 400 مشارك من وزارتي الخارجية والدفاع، إلى جانب ممثلين عن منظمات غير حكومية وشركات خاصة. وقد سلطت الضوء على مخاوف متزايدة بشأن إمكانية نشر "قوة التثبيت الدولية"، وهي مبادرة أمنية متعددة الجنسيات تهدف إلى حفظ السلام في غزة، وسط شكوك حول جدواها وإمكانية تنفيذها.

أحد مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية وصف الوضع بـ"المقلق"، مشيراً إلى وجود "مخاوف مكبوتة" داخل الإدارة بشأن مستقبل المنطقة. وتتناقض هذه المخاوف مع الخطاب المتفائل الذي يروّج له كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.

الوثائق تبرز سلسلة من العقبات التي تعرقل تحويل وقف إطلاق النار إلى خطة سلام دائمة، من بينها ضعف التنسيق بين وزارتي الدفاع والخارجية، وتردد إسرائيل في الانسحاب من غزة، واستمرار خروقات حماس للهدنة، إضافة إلى صعوبة تشكيل مؤسسات حوكمة مثل "مجلس السلام" الذي يفترض أن يشرف على تنفيذ الخطة.

الدبلوماسي الأميركي ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط في إدارة ترامب الأولى، أشار إلى أن الإدارة تعاني من نقص في الكوادر المتفرغة لهذا الملف، قائلاً: "غزة وحدها كانت تستحق فريقاً متفرغاً بدوام كامل، لكن الإدارة تعاملت معها كملف ثانوي".

كما حذرت الوثائق من أن حماس بدأت بالفعل في ملء الفراغ الأمني في غزة، حيث أعادت نشر نحو 7 آلاف عنصر أمني في المناطق التي تسيطر عليها، بينما تواصل إسرائيل السيطرة على 53% من مساحة القطاع، في حين يعيش 95% من السكان في الـ47% المتبقية.

من جهة أخرى، تواجه جهود الإغاثة تحديات لوجستية، إذ لا يتجاوز عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة يومياً 600 شاحنة، وهو رقم غير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

الوثائق تشير أيضاً إلى أن "كل تأخير في تنفيذ الخطة يصب في مصلحة حماس"، التي تستغل الوقت لإعادة ترسيخ سيطرتها عبر وسائل متعددة، من الدعاية إلى الهجمات بالوكالة.

أما "قوة التثبيت الدولية"، التي يُفترض أن تنسقها الولايات المتحدة، فتواجه تساؤلات جوهرية حول تفويضها القانوني، قواعد الاشتباك، آلية التشكيل، وموقع تمركزها. وقد أبدت عدة دول استعدادها للمساهمة بالتمويل أو الموارد، لكنها اشترطت صدور تفويض من مجلس الأمن الدولي.

وبينما تخطط واشنطن لعقد مؤتمر دولي للمانحين بعد صدور قرار من مجلس الأمن، لا يزال الجدول الزمني لهذا المؤتمر غير واضح، وسط شكوك حول مدى التزام الدول بتقديم قوات بشرية، وليس فقط الدعم المالي.

الوثائق تكشف أيضاً عن خلافات مستمرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن من سيتولى المسؤولية النهائية عن غزة، في ظل رغبة السلطة في لعب دور أكبر، ومعارضة إسرائيل لذلك.