لماذا يسعى خالد مشعل إلى أن يكون نسخة من “الشرع”، وماذا سيستفيد شعبنا من ذلك

1766503702-3989-8.jpeg
حجم الخط

بقلم مجدي جميل شقورة

 

 

 تردّدت كثيرًا قبل الكتابة في هذا الموضوع، ليس خوفًا ولا مجاملة، بل لأن ثِقله السياسي وحساسيته الوطنية يجعلان أي نقاش حوله محفوفًا بالتأويل. لكن كثرة التساؤلات التي ازدحمت في ذهني، وما حملته من قلق حقيقي على مصير قضيتنا، أنهكتني ودَفعتني في النهاية إلى الكتابة.
في تصريحاته الأخيرة، بدا خالد مشعل وكأنه يعرض نفسه على الولايات المتحدة طالبًا “فرصة” شبيهة بتلك التي مُنحت لجهات أخرى غيّرت مواقعها وتحالفاتها. هذا الطرح يفتح بابًا واسعًا للأسئلة: لماذا هذا السعي؟ وهل يمكن أن يحقق لشعبنا أي مكسب حقيقي؟
أولًا، منطق “الفرصة” بدل منطق القضية
الحديث عن منح واشنطن “فرصة” لحركة تحرر وطني ينقل الصراع من كونه قضية تحرر شعبية إلى كونه ملفًا قابلًا للتجربة والقبول أو الرفض من قوة عظمى. هنا لا تعود الشرعية مستمدة من الشعب ولا من عدالة القضية، بل من رضا الخارج، وهو تحوّل يمس جوهر الخطاب الذي طالما قُدِّم بوصفه مستقلًا ومقاومًا.
ثانيًا، محاكاة نموذج لا يشبه واقعنا
السعي لتقليد تجربة أخرى قامت على تبديل التحالفات والاصطفاف مع محاور إقليمية ودولية، يفترض أن السياق الفلسطيني قابلًا للاستنساخ. لكن الواقع مختلف؛ فلسطين تعيش استعمارًا مباشرًا، وأي “تجربة” لا تنطلق من حقوق واضحة وغير قابلة للتصرف ستبقى عرضة للابتزاز السياسي.
ثالثًا، سؤال السلاح وتناقض المواقف
يُضاف إلى ذلك ما جرى العام الماضي، حين طُرح – بحضور إسماعيل هنية – موضوع وضع السلاح جانبًا، في لقاء عُقد في قطر وبوجود محمد دحلان. ووفق ما تداوله معنيّون، فإن هنية أبلغ دحلان في اليوم التالي أن موقف خالد مشعل لا يمثل الحركة. هذا الحدث يثير سؤالًا جوهريًا اليوم: هل الموقف الأخير الذي يطرحه مشعل، ويقدّم فيه نفسه للولايات المتحدة طالبًا “فرصة”، يمثل حركة حماس فعلًا؟ أم أنه موقف شخصي يتكرر فيه الخلاف بين الخطاب الفردي والموقف التنظيمي؟
رابعًا، ماذا ستربح أمريكا؟ وماذا سنربح نحن؟
السياسة تُدار بالمصالح. وإذا كانت الرسالة المطروحة هي: “جرّبونا”، فمن حق شعبنا أن يسأل: ما الذي ستقدّمه الحركة للولايات المتحدة؟ وما المقابل؟ حتى الآن، لا يظهر برنامج واضح يضمن وقف العدوان أو رفع الحصار أو حماية الحقوق الوطنية، بينما تبدو المكاسب المحتملة، إن وُجدت، محدودة ومشروطة.
خامسًا، من الكفاح الشعبي إلى تسويق الذات
الأخطر في هذا المسار أنه يُضعف فكرة الكفاح الشعبي المستمر، ويستبدلها بتسويق سياسي قائم على القبول الخارجي، ما يفرغ الشعارات من مضمونها، ويحوّل القضية من مشروع تحرر إلى ملف تفاوضي هش.
خلاصة القول
السؤال لم يعد فقط: ماذا يريد خالد مشعل؟ بل: من يملك حق تمثيل قرار بهذه الخطورة؟ فلسطين لا تحتاج نسخًا عن تجارب الآخرين، ولا عروض “حسن سلوك” للقوى الكبرى، بل تحتاج موقفًا وطنيًا واضحًا يستمد شرعيته من الشعب، ويحافظ على ثوابته. أما المواقف المتبدلة وغير المحسومة داخل الحركة، فلا تمنح شعبنا إلا مزيدًا من القلق والالتباس