جاء الإعلان الرسمي باعتراف دولة العدو الاحلالي بـ "أرض الصومال" يوم الجمعة 26 ديسمبر 2025، وكأنه "مفاجأة سياسية" رغم أن كل المؤشرات كانت تسير إلى ذلك، بعدما وضعت لها قدم عسكري وأمني من خلال قاعدة عسكرية منذ زمن فيها.
ما حدث من إعلان اعتراف دولة الكيان بـ "ارض الصومال" جاء كثمن سياسي لما تم دفعه مسبقا بالوجود الأمني، وليس ثمنا سيدفع، كما تحاول بعض الأوساط تمريره تفاديا لإحراجات خاصة، بعد صمت غير مقبول.
الاعتراف يكشف حجم الاختراق الكبير الذي حققته دولة الفاشية اليهودية، بعد مؤامرة 7 أكتوبر 2023، وجزء من أهدافها الكبرى التي تم صياغتها ما قبل الانطلاق، في سياق "رؤية تغيير الشرق الأوسط" التي أشار لها نتنياهو بعد 48 ساعة من الحدث الأكتوبري، والذي يجب ألا يغيب عن البال الوطني محاسبة ومطاردة منفذيه رغم كل التطورات المحيطة.
ليس مجهولا الأهداف التي تقف وراء ذلك الاختراق الكبير، بأن تصبح دولة الاحتلال مع إثيوبيا وأرض الصومال مثلث تحكم جديد في منطقة باب المندب على البحر الأحمر، وهو حلم صهيوني وإثيوبي قديم، أعاد الإشارة له رئيس وزراء إثيوبيا قبل فترة بأنه يجب أن يكون لهم موطئ قدم، كما ذات موقف حكومة الاحتلال.
خطوة الاعتراف بأرض الصومال وتشكيل "مثلث سياسي أمني" جديد يجب أن يعيد الحسابات جذريا نحو محور معاد كليا للمصالح العربية، بل وبعض الدولية في ظل ما سيكون من تقاسم قوى مستقبلي، ونتاجها تتجاوز كل "حدود ممكنة".
منذ بدء الحرب العدوانية على قطاع غزة، وكان واضحا أنها حرب نحو بناء "ترتيبات إقليمية" تكون دولة الاحتلال القوة الأساسية بها، بعدما حققت الاختراق الكبير الأول عبر اتفاقيات التطبيع "الإبراهيمية" 2020، بكسرها جوهر مبادرة السلام العربية وصناعة معادلة جديدة بديلا من "التطبيع مقابل السلام إلى معادلة التطبيع مقابل المصالح"، ما ينهي كليا أن إسرائيل دولة معادية أو تمثل خطرا على الأمن القومي.
مواجهة الاختراق الكبير رقم 2، يبدأ من رؤية جوهر الخطر وأدواته، والذهاب نحو رؤية بعيدا عن السائد من "الشعاراتية السياسية"، أو التحذيرات التي باتت مخجلة للشعوب ومضحكة للعدو، رؤية تستند إلى أن العقاب يكون بالأساس ضد الذي يقود الخطر الجديد، وهي دولة الكيان وإثيوبيا، بما يشمل كل أشكال الرد العام، تبدأ بتعليق العلاقات معهما، والذهاب نحو خطوات محاصرة أشكال التطبيع المتسللة بهدوء، بل وموافقة رسمية عربية، بشكل خفي.
الاختراق الكبير 2، ليس حدثا يمكن التعامل معه كما غيره من "أحداث"، بما فيها الموقف من حرب غزة وعدم الذهاب إلى أي خطوات عملية، لكنه حدث يمثل مقدمة عملية لرسم خريطة "الاستعباد الاستعماري الجديد" ركيزته دولة الاحتلال، وبعض أدوات عربية وغير عربية.
الاستخفاف الذي ساد منذ انطلاق حرب غزة وأهدافها الحقيقية، والتعامل معها وكأنها محدودة الأبعاد والآثار، كان سببا فيما حدث من اختراقات تجاوزت قضية الاعتراف بـ "أرض الصومال"، فلم تعد هناك مسألة مركزية إقليمية لا تجد هناك أثر لدولة الاحتلال بأشكال متعددة، وبدعم كامل بل ومطلق من الولايات المتحدة.
دون انتفاضة سياسية حقيقية لـ "الرسمية العربية" لمحاصرة دولة المثلث الأمني الجديد في باب المندب عبر أرض الصومال، ومن يقف معه، أي كان هويته عربا وعجما، فالقادم سيكون دولة "من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل" واقعا وليس خيالا.
ملاحظة: بين حين وآخر تخرج بعض "الأصوات الهامشية" تحاول تشويه مواقف الخالد أبو عمار لرفضه تهويد المقدس..كلامهم مش محبة بفلسطين لكنه نفق عبور نحو عصر التهويدية الجديدة..ولأنهم صغار فكر وعقل ما شايفين مشاريع بناء "هيكل بديل"..زغير العقل بيضله زغير..
تنويه خاص: لا يوجد أصعب من وداع شخصيات حضورها الوطني طاغ خلال أيام قصيرة..كأنه الحزن مش لاقي له وقت..بعد محمد بكري رمز الفن الوطني..يغادرنا الكبير السياسي عصام مخول..مسار فريد في كل شي..مع السلامة يا رجل ..سلاما يا عصام..
