بقلم: نير حسون
واوري بلاو حصلت جمعية اليمين «العاد» على مدى ثماني سنوات على تبرعات بقيمة 450 مليون شيكل. واكتشفت «هآرتس» أن الجزء الاكبر من التبرعات (275 مليون شيكل) قد وصل من شركات مسجلة بملاجئ ضريبة في ارجاء العالم مثل جزر البهاما وجزر العذراء وجزر سايشل، وليس واضحا من يقف من ورائها ويتحكم بالخيوط. جزء من الشركات وايضا اشخاص تبرعوا من اموالهم للجمعية معروفون كمتبرعين لجهات يمينية اخرى مثل مجلس «يشع».
بعضهم تبرعوا في السابق لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. إله المال، رومان ابراموفيتش، صاحب فرق كرة القدم اللندنية تشيلسي يرتبط باحدى الشركات المتبرعة. وثمة جهات اخرى أعطت التبرعات لـ»العاد» مثل كيرن هيسود، الوكالة اليهودية، ومنظمة أصدقاء الجيش الاسرائيلي في ميامي. متبرعة اخرى مهمة وراء البحار هي جمعية أصدقاء «العاد» المسجلة كمنظمة بدون أهداف ربحية في نيويورك، حيث إن تبرعاتها تمنحها اعفاءً ضريبيا في الولايات المتحدة.
هذه الجمعية تبرعت لـ»إلعاد» بـ 122 مليون شيكل خلال ثماني سنوات. لكن المبالغ الطائلة وصلت من عدد من الشركات الاجنبية المسجلة في ملاجئ الضريبة، الامر الذي يصعب عملية الوصول الى اصحاب الشركة أو معرفة أعمالها. قائمة المتبرعين التي قدمتها «العاد» الى مسجل الجمعيات لا تستجيب لطلب المسجل بأن يكون مصدر التبرعات معروفاً. ورغم ذلك حصلت الجمعية على موافقة الادارة السليمة من مسجل الجمعيات حتى نهاية السنة. ولم يطلب منها توفير معلومات اخرى حول المتبرعين لها. مسجل الجمعيات تجاهل اسئلة «هآرتس» عن «العاد» وتطرق في رده فقط الى ضغط العمل الكبير الواقع عليه.
ولم ترد «العاد» على توجه «هآرتس» للحصول على معلومات اضافية عن المتبرعين. الجمعية، التي تنشط في شرقي القدس، تهتم بمجالين أساسيين – استيطان اليهود في سلوان وادارة المواقع السياحية وعلى رأسها الحديقة القومية «مدينة داود» من اجل سلطة الطبيعة والحدائق. وهي ايضا تملك شركات سياحية في منطقة جبل الزيتون والثوري وارمون هنتسيف. ولديها شقق واراض كثيرة في منطقة جبل الزيتون وقرية سلوان.
وقد نجحت في السنتين الاخيرتين في زيادة عدد السكان اليهود في القرية الى حد كبير. مصدر التبرعات للجمعية اعتبر دائما سراً محفوظاً. ورغم ما يطلبه القانون، إلا أن «العاد» لم تقدم خلال السنوات قائمة المتبرعين لها بمبالغ تزيد على 20 ألف شيكل في السنة لمسجل الجمعيات.
بعد ادعائها أمام المسجل أن إعطاء تفاصيل المتبرعين قد يضر بهم أو بالجمعية، حصلت في 2008 على الحصانة فيما يتعلق بأسماء المتبرعين. ومع ذلك، وفي اعقاب توجه مسجل الجمعيات، كشفت الجمعية في الاشهر الاخيرة عن القائمة، وفيها اسماء من تبرعوا لها بما يزيد على 20 ألف شيكل بين سنوات 2006 – 2013. مجموع هذه التبرعات في هذه السنوات كان أكثر من 450 مليون شيكل. بالمتوسط أكثر من 56 مليون شيكل في السنة. وبالنظر الى باقي الجمعيات الاسرائيلية فان هذه مبالغ طائلة، وليس غريبا أن «العاد» هي من الجمعيات الأغنى في إسرائيل. حسب التقرير المالي الذي قدمته في 2014 كانت أملاكها 286 مليون شيكل.
ودورة مداخيلها في تلك السنة كانت 59 مليون شيكل، وتم استخدام 97 موظفا دائما. وبلغ أجر مؤسس ورئيس الجمعية، دافيد باري، 366 ألف شيكل في 2014. اضافة الى التبرعات تحظى «العاد» بمدخولات اخرى منها دعم الوزارات الحكومية. في 2014 حصلت على 1.4 مليون شيكل من ميزانية الثقافة التوراتية لوزارة التربية والتعليم و200 ألف شيكل من وزارة الثقافة. اضافة الى ذلك تبيع الجمعية خدمات سياحية في شرقي القدس. وليس هناك جمعية اخرى في اسرائيل تقدر على ضخ الاموال النقدية. وللمقارنة، اذا كانت «العاد» تجند عشرات ملايين الشواكل في كل سنة من التبرعات، فان جمعية حقوق المواطن قد جندت 7.4 مليون شيكل في 2014 (من متبرعين افراد ودول)، والمنظمة اليسارية «نحطم الصمت» لم تتجاوز الـ 1.5 مليون شيكل، «السلام الآن» جندت 2.8 مليون شيكل، والجمعية اليمينية «إن شئتم» جندت في تلك السنة 1.7 مليون شيكل.
شركات وصناديق دولية القائمة التي قدمتها «العاد» لمسجل الجمعيات تكشف جانبا وتخفي جوانب اخرى. يتبين أن مصدر التبرعات الاكبر هو شركات دولية مسجلة في دول تستخدم ملاجئ الضريبة – حيث لا تطلب تفاصيل كثيرة عن اصحاب الشركة من اجل تسجيلها – لذلك يصعب معرفة من يقوم بنقل الاموال. استخدام ملاجئ الضريبة من قبل جمعيات اليمين ليس استثنائيا. مثل «العاد»، هناك جمعيات اخرى تفعل ذلك بين فينة واخرى من اجل شراء الاملاك من الفلسطينيين، لأنه يسهل بهذا الشكل اخفاء اطراف الصفقة. من بين 275 مليون شيكل وصلت من ملاجئ الضريبة الى «العاد» في 8 سنوات، فان 135 مليون شيكل وصلت من شركة واحدة مسجلة في جزر البهاما.
فحص معلومات الشركات في ارجاء العالم يُصعب كشف من يقف وراءها. شركة اخرى في رأس القائمة هي لستون هولدينغ لميتد والتي تبرعت بـ 87 مليون شيكل في تلك السنوات. الفحص الذي أجرته الصحيفة يظهر أن شركة بهذا الاسم مسجلة في جزر العذراء وفي استراليا. وقد ظهر اسمها في السنوات الاخيرة في عالم كرة القدم، حيث تملك الحقوق للكثير من اللاعبين. متبرعة اخرى غير معروفة هي «ذي اوريون فاونديشن» المسجلة في الجزيرة البريطانية مان، التي منحت الجمعية في 2013، 525 ألف شيكل. هذا الصندوق هو الراعي ايضا لـ»مركز اوريون للبحث في البحر الميت» في الجامعة العبرية. وقد تبرعت في السابق لمنظمة «ان.جي.أو مونيتر» التي تتابع مستوى شفافية منظمات حقوق الانسان. متبرعة اخرى هي «أدار فاونديشن» التي تمول جهات يمينية ومشاريع في المستوطنات.
في ثلاث سنوات (2011 – 2013) أعطت لـ»العاد» 13 مليون شيكل. شركة «أوفينغتون وورد وايد» المسجلة في جزر العذراء البريطانية تبرعت لـ»العاد» خلال ثماني سنوات 55 مليون شيكل وفي 2008 ظهر اسمها مرتبطا بالملياردير رومان ابراموفيتش. وحسب ما نشرته وكالة الانباء الروسية «انتر فاكس» فان هذه الشركة وقفت وراء صفقة في شرق سيبيريا من قبل ابراموفيتش. وذكر اسم ابراموفيتش عديد المرات في السابق كوسيط لـ»العاد». وفي 2006 شارك في مراسيم افتتاح حديقة جديدة في مدينة داود (سلوان)، لكن صاحب فريق تشيلسي ليس الوحيد في نادي العاد. فقائمة المتبرعين تكشف أنه في 2013 تبرع لها يوجين تننباوم، مدير فريق كرة القدم البريطاني، ومدير شركة الاستثمارات التابعة لابراموفيتش، بـ 35 ألف شيكل. ولم يرد ابراموفيتش على الصحيفة حول تبرعات الشركة المرتبطة به لـ»العاد».
من بين المتبرعين لـ»العاد» توجد ايضا شركة أبناء عائلة فليك من ميامي، المعروفين بأنهم منحوا اموالاً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقد وصل مبلغ 935 ألف شيكل الى «العاد» عن طريق صندوق «سيغل لاسرائيل»، حيث إن اعضاء المجلس فيه هم الاخوة سايمون، غروم، وليئون فليك. وقد أنشئ الصندوق في 2007 لـ»اقامة وتطوير وادارة نشاطات تربوية وثقافية حول إرث اسرائيل واليشوف اليهودي في القدس وفي اسرائيل». جميع الاموال التي تغذي نشاطاته جاءت من ابناء العائلة وشركات في بنما تملكها العائلة.
عشية الانتخابات التمهيدية الاخيرة في «الليكود» تبرع الاخوة الثلاثة ووالدتهم، نيلي فليك، رئيسة اصدقاء الجمعية من اجل الجندي في الولايات المتحدة، بنحو 300 ألف شيكل لمرشحين مختلفين. الجزء الاكبر الذي يبلغ 180 ألف شيكل تم التبرع به لنتنياهو والباقي لاعضاء كنيست ووزراء من «الليكود»، منهم موشيه يعلون وجلعاد اردان وميري ريغف وياريف لفين ويولي ادلشتاين وزئيف الكين.
وتقدم العائلة الاموال ايضا بشكل دائم لجهات في السياسة الاميركية. فقد تبرعت في السنوات الاخيرة بـ 1.76 مليون دولار للسياسيين وبالتحديد من الحزب الجمهوري. لكن التبرعات التي تصل الى جمعية «العاد» لا تقف في ميامي. صندوق «روت بت ساره» وهي جمعية اسرائيلية يقف وراءه الملياردير اليهودي الاميركي آيرا رينانت – يعيش في نيويورك وهو صاحب شركة رنكو ومتبرع معروف للمستوطنات – حيث تبرعت شركته لـ»العاد» بـ 2.3 مليون شيكل في ثماني سنوات. جهة اخرى يظهر اسمها في القائمة هي «الصندوق اليهودي الاوروبي للتطوير» تبرع بأكثر من 3 ملايين شيكل. متبرعون آخرون هم عدد من الجهات المعروفة أكثر. كيرن هيسود مثلا تبرعت بين 2011 و2013 بنحو 3.5 مليون شيكل لـ»العاد».
صحيح أن الصندوق يتبرع في السنوات الاخيرة للحدائق القومية ومواقع أثرية في البلاد، لكنه لم يذكر في موقعه التبرع لمدينة داود. ولم يرد الصندوق على اسئلة الصحيفة حول هذا الامر. جهة اخرى تم الغاؤها من القائمة هي منظمة اصدقاء الجيش الاسرائيلي في ميامي والتي منحت في العام 2013 لـ»العاد» 1.3 مليون شيكل. اصدقاء الجيش الاسرائيلي في الخارج يمولون عادة الجمعية من اجل الجندي. وفي جميع الحالات، كل تبرع يجب أن يحصل على موافقة الجيش الاسرائيلي. منظمة اصدقاء الجيش الاسرائيلي في الولايات المتحدة وبنما ردت قائلة «نحن نتبرع من اجل نشاطات دعم الجنود. والاموال التي منحت لـ»العاد» هي لمصلحة برامج تعليمية للجيش الاسرائيلي في مدينة داود». ويتبرع لـ»العاد» ايضا رجل الاعمال نوعام لنير الذي منحها 72 ألف شيكل في 2006. و70 ألف شيكل، منح للجمعية في 2013 من شركة اعادة املاك القتلى.
وردا على «هآرتس» قالت الشركة إنه «بناء على طلب وريثة أحد القتلى في الكارثة التي اعتبرتها الشركة صاحبة الحق في الحصول على اموال القتيل، فان الشركة منحت اموال تلك الوريثة لـ»العاد». «وبالنسبة للشركة، هذا الامر هو اعادة اموال أحد ضحايا الكارثة الى وريثته. وقد تم الدفع بناء على طلبها واعتباراتها. في جميع الاحوال، التبرع ليس من قبل الشركة». طلبت صحيفة «هآرتس» من «العاد» الحصول على تفاصيل اخرى حول المتبرعين بما في ذلك الاسم الكامل والعنوان والوسيط للجهات التي حصلت منها على الاموال. رعوت وولف، مديرة الدعاية ومتحدثة في الجمعية قالت: «العاد تُدار بشفافية كاملة أمام مسجل الجمعيات وتقدم له المعطيات المطلوبة حسب القانون والاجراءات ومبادئ الادارة الصحيحة». وجاء من مسجل الجمعيات الرد التالي: «كل سنة يفحص مسجل الجمعيات الوثائق لـ 15 ألف جمعية. على ضوء حجم العمل الواسع فان هذا الفحص عام ويفحص مبدأ وجود الوثائق التي على الجمعيات تقديمها. والفحص الاكثر عمقا يتم بشكل متقطع أو في حال وصول شكوى ضد جمعية. مسجل الجمعيات يقوم بـ 250 فحصا معمقا في السنة ويستوضح نحو ألف شكوى.
وحسب المعطيات التي يتوصل اليها يقوم بفحص امكانية ممارسة صلاحياته».
عن «هآرتس»