بقلم: روغل ألفر
عندما اعتقلت الشرطة رضيعاً فلسطينياً ابن عامين، من شرقي القدس، احتج اليساريون وبدؤوا بالصراخ كعادتهم «احتلال، احتلال». طبعا دون فحص الحقائق لأنهم لا يسمحون للحقائق أن تشوش عليهم. وقد قررت فحص هذه القصة لكل من يعنيه ذلك واليكم الحقيقة: ثمانية من رجال الشرطة الملثمين دخلوا أحد البيوت في العيسوية في 29 شباط، الساعة الثانية فجراً، من أجل اعتقال شاب يبلغ 16 سنة كان مطلوباً للاشتباه برشق الحجارة. وقد لاحظوا الرضيع وهو نائم في سريره.
طلبت القوة من أبناء العائلة التواجد في الصالون وإظهار هوياتهم. لكن الرضيع رفض المجيء. فقد بقي في سريره ولم يقل أي كلمة. أحد رجال الشرطة توجه نحوه وسأله لماذا لا يستجيب. وتظاهر الرضيع أنه خائف واصطنع البكاء. في هذه المرحلة اشتبه الشرطي بأن الرضيع لا يملك الهوية كما هو مطلوب، وأنه يحاول حرف أنظارهم عن هذه المخالفة.
وإذا كانت العائلة ستمد يدها نحو الرضيع من اجل الإمساك به وحمله فان هذا الفعل زاد من شكوك الشرطة بأن الرضيع ليس ساذجا كما يبدو. فسارعوا الى إبعاد الأم ومنعها من التواصل معه. اجتمع قادة القوة من اجل بلورة اقتراح. وتم طرح النظرية بأن الرضيع مفخخ، وبأن جهاز التحكم من بعيد الذي سيفجره قد تم تخريبه وأن الأم حاولت تفجيره يدويا. وتقرر أنه الى أن يتم نفي هذه الاحتمالية فان القوة ستمتنع عن فتح النار باتجاه الرضيع. احتمال آخر طرح في ذلك التشاور التكتيكي وهو أن قوات شيطانية غير مرئية قد سيطرت على الرضيع وسببت له البكاء من اجل إزعاج الجميع. لم يستطع أحد من المتواجدين التفكير في ادعاء ينفي تماما هذا الاعتقاد. لذلك تقرر أن الفرضية ستكون أن الرضيع تسيطر عليه قوى شيطانية غير مرئية الى أن يثبت العكس.
من الأفضل أن تكون حذرا وعلى قيد القيادة على أن تكون متسرعا وميتا. الأم حاولت تضليل القوة وبدأت في التوسل حتى يسمح لها برفع الرضيع بحجة أنه بهذه الطريقة فقط يمكنها تهدئته. فقام ضابط القوة برشها بغاز الفلفل من اجل تهدئتها. بعد ذلك أمر الرضيع بالنزول من سريره والسير ببطء الى مركز الصالون. ومرة أخرى تجاهل الرضيع هذا الطلب. وفجأة سقط الرضيع على الأرض. ولم يشاهد أحد من رجال الشرطة كيف حدث هذا الأمر. سارعت الأم الى اتهامهم بأنهم هم الذين سحبوا ابنها من السرير وألقوه على الأرض. رجال الشرطة الذين يهتمون بالأدلة عادة سألوها إن كان لديها ما يثبت أن الرضيع هو ابنها (لم يكن لديها).
فقالوا لها إنه نظراً لأنهم لم يلقوه على الأرض، فان استنتاج الشرطة هو أن القوى غير المرئية هي التي فعلت ذلك. انطلقت الأم نحو الرضيع ورفعته وحاولت الهرب به من البيت. لم يكن أمام الشرطة خيار سوى اعتقال كل العائلة من أجل القيام بطرد الأشباح عن الرضيع في محطة الشرطة والتأكد من أن باقي أبناء العائلة غير متآمرين مع القوى الشيطانية غير المرئية. هل يوجد ما هو أكثر إنسانية من هذا؟ في الختام إليكم أحجية: ما هو الأصعب – التفسير المذكور أعلاه لتصرف الشرطة أم حقيقة أن ثمانية من الملثمين يأتون في الليل لاعتقال شاب عمره 16 سنة للاشتباه برشق الحجارة؟
عن «هآرتس»