بقلم: ناحوم برنيع
قنبلة؛ كان ينبغي لهذا أن يكون الأثر السياسي للخطاب الذي ألقاه عضو المجلس الوزاري، زئيف الكين، الاثنين قبل الماضي، في جامعة بار ايلان. ولم يكن اختيار بار ايلان صدفة. فقبل ست سنوات بالضبط ألقى نتنياهو خطاب بار ايلان خاصته، وتبنى فيه باحتفالية حل الدولتين. مات الحل، قضى الكين. السلطة الفلسطينية، التي يفترض أن تقوم من خلالها الدولة، توشك على الانهيار. وهي ستتفكك مع اعتزال ابو مازن أو مع وفاته. وإذا لم تكن هناك سلطة فلن تكون دولة.
وأقام الكين نظريته على محادثات اجراها مع جهات مختلفة في اسرائيل. وقد وافق على ان يكشف على مسمعي اسمين اثنين التقى بهما هما شمعون بيريس ويوسي بيلين. وعلى حد قوله، قال له بيريس إن السلطة ستبقى الى الأبد؛ أما بيلين فقال إنها ستنهار. وكان قرار الكين الاستناد بالذات الى رأي بيريس وبيلين، وبالذات الأن، مسلياً للغاية. «ادعائي المركزي هو ان احتمال ان تنهار السلطة الفلسطينية عالٍ. وتبدأ التقديرات بـ 95 في المئة وتنتهي بـ 40 في المئة.
اسرائيل لا يمكنها أن تغض النظر عن هذا التطور، وهي ملزمة بان تستعد... يقولون لي، كل هذا لانه لا توجد مسيرة سياسية؛ وهذا ليس صحيحا. السلطة تنهار بسبب سياقات سياسية داخلية. كان لعرفات خليفة طبيعي هو ابو مازن. وهو ثبّت مكانته بعد أن خاض انتخابات. ليس لابو مازن خليفة، ولا يوجد سبيل لاجراء انتخابات». السؤال، قلت لالكين هو ما الذي تريدونه أنتم، وزراء الحكومة؟ هل تريدون تعزيز السلطة أم تفكيكها؟ «هذا هو السؤال»، قضى الكين. «السلطة ستتفكك في كل الاحوال.
لا معنى لإعطائها تنفساً اصطناعياً، ولكن إذا كنتم تصرون.. حسنا، أعطوها تنفساً. ولكن في الوقت ذاته انظروا إلى الامام، فكروا في اليوم التالي». الجيش الاسرائيلي، قلت، لا يسارع للعودة الى رام الله والى نابلس، لتحمّل المسؤولية عن المدارس والمستشفيات والمجاري في مخيمات اللاجئين. الجيش الاسرائيلي يحاول منع الانهيار. فقال الكين ان «الجيش الاسرائيلي أسير المفهوم المغلوط. فهو يرفض الاستيعاب بأن هذا سيحصل». ماذا سيحصل، سألت. «ستكون هناك حرب داخلية في فتح. إما ستكون فوضى او ستسيطر حماس. ربما يكون حكام محليون يأخذون المسؤولية. وهذا لن يكون سيئا». لقد جرب شارون هذا مع روابط القرى، قلت. وقد انتهى بالاهانة. فاعترف الكين: «اذا نظمنا نحن هنا، سنفشل. ولكن ربما يأتي هذا من الميدان.
علينا ان نتحدث معهم منذ، الان، وندرسهم». ثمة ذرة من الحقيقة في تحليل الكين: منذ أعلن ابو مازن أنه يعتزم الاعتزال تدور في رام الله حرب خلافة. المتطلعون للتاج يسعون للتنكر لعلاقاتهم مع اسرائيل. من السهل أن نفهم لماذا يتمنى الكين اللحظة التي تصبح فيها مدن الضفة بانتوستانات – جيوباً فلسطينية منفصلة، تقاد محلياً، غير قادرة على تحدي اسرائيل في الساحة الدولية.
هذا لم ينجح في جنوب افريقيا، ولن ينجح هنا. لم تجرِ الحكومة حتى اليوم نقاشا في مستقبل السلطة الفلسطينية. لم تجرِ اي نقاش سياسي: يفضل نتنياهو الإبقاء على سياسته. من جهة يعد وزير الخارجية الأميركي بمنع انهيار السلطة، ويقر لوزير المالية ووزير الدفاع ان ينقلا الى صندوقها نصف مليار شيقل من أموال الضرائب؛ ومن جهة اخرى يعرض السلطة بأنها العدو الالد لاسرائيل. سألت الكين واكونيس، الاسبوع الماضي، عن رأيهما في قرار تحويل المال الى السلطة. قالا لي انه لو سُئلا لكانا عارضا ذلك بشدة. ولكن ماذا؟ نتنياهو لم يسأل. «التهديدات بان السلطة توشك على الانهيار مفتعلة»، قال لي اكونيس. «السلطة تخدعنا». المعطيات تفيد بخلاف ذلك.
المساعدة الأجنبية للسلطة الفلسطينية تنخفض من سنة الى سنة. حتى العام 2012 بلغت المساعدات الأجنبية 1.2 مليار دولار في السنة؛ في 2015 انخفضت الى اقل من 800 مليون دولار. الولايات المتحدة توقفت عن المساعدة. وهذا ما تهدد بعمله دول في غرب اوروبا. وهي تقول انه في ظل غياب الامل في الاتفاق، من الخسارة تقديم المال. هذا هو الفخ: عندما لا يكون هنا أفق سياسي، لا مال؛ وعندما لا يكون مال، تضعف السلطة؛ وعندما تضعف السلطة، فانها تهدد بالتفكك؛ وعندما تتفكك، لا أمن لاسرائيل. ليست السلطة الفلسطينية هي التي تخدعنا: نحن الذين نخدع أنفسنا.
عن «يديعوت»