بقلم: ايلي فوده
لا يبشر العام 2016 بالخير بالنسبة لعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، تلك العملية العالقة منذ فترة طويلة. وتضمن الظروف الحالية بأن الجمود سيستمر. يستند هذا التقدير الى ثلاث فرضيات: الاولى هي أنه ليس هناك أي محفز لحكومة بنيامين نتنياهو – سياسيا أو اقتصاديا أو ايديولوجيا – لاجراء المحادثات مع الفلسطينيين. الثانية هي غياب الاستقرار الاقليمي وزيادة قوة ايران في اعقاب الاتفاق النووي والتحديات التي تفرضها منظمات الجهاد الراديكالية، حيث تقول «حماس» وحزب الله إن المواضيع الأمنية ستحظى بالأولوية أكثر من الصراع. وأخيرا، عام الانتخابات في الولايات المتحدة.
كما سيغيب الحل الدائم بسبب الانشغال بالمواضيع الداخلية في اوروبا ولا توجد قوة لإحضار الاطراف الى طاولة المفاوضات. إذا كان العام 2016 هو عام اضاعة الوقت بالنسبة لعملية السلام فان 2017 قد يكون عام الانفجار، وذلك لعدة اسباب. السبب الاول صدفي: في حزيران ستحتفل اسرائيل بمرور خمسين سنة على احتلال «المناطق». الدول والقادة يحبون التواريخ المستديرة من اجل التفاخر ومدح الأمة أو أنفسهم. ويبدو أن متخذي القرارات في اليمين قد فهموا أهمية هذا التاريخ: أعلن نفتالي بينيت، وزير التعليم، أن السنة الدراسية القادمة، التي يصادف فيها مرور خمسين سنة على الحرب ستكون سنة وحدة القدس.
أما نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوطوبلي، فأعلنت أن سنة 2017 ستكون سنة احتفالية يتم فيها تأكيد رواية وحدة البلاد وحقيقة أنه لا يوجد احتلال. ويمكننا أن نضيف لقائمة الاحتفالات مرور 100 سنة على وعد بلفور في تشرين الثاني 2017. إن الربط بين هذين الحدثين في سنة واحدة، مرور خمسين سنة على الاحتلال و100 سنة على وعد بلفور، يعطي له في نظر اليمين مغزى كبيراً.
وعلى الطرف الثاني من الخارطة السياسية فان مرور خمسين سنة على الاحتلال هو سبب للتحفظ وعدم الاحتفال، حيث إن هذا الامر أدى الى السيطرة على شعب آخر. إن هذه فرصة لتجنيد كل من يريد السلام في اسرائيل والخارج، يهوداً وغير يهود، المؤيدين لدولة يهودية ديمقراطية في حدود 1967 ويعتبرون أن استمرار الاحتلال وصفة مؤكدة لتحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية لا دولة ديمقراطية. وهذا هو هدف منظمة «أنقذوا اسرائيل وأنهوا الاحتلال». ستكون الذروة في ذكرى مرور الخمسين سنة. الصدام بين هذين الموقفين سينعكس في احياء الذكرى حيث سيكون «الانفجار». السبب الثاني هو دخول رئيس أو رئيسة الى البيت الابيض.
ليس مؤكدا أن من سينتخب سيبادر فورا الى خطوة جديدة من اجل عملية السلام. لكن التاريخ يعلمنا أن الرئيس الذي يعرف القليل عن الشرق الاوسط، مثل جيمي كارتر في 1977، قد نجح في توقيع اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر بعد سنتين من دخوله الى المنصب. ايضا بيل كلينتون أنجز عملية اوسلو والاتفاق مع الاردن في بداية ولايته الاولى. ويعلمنا التاريخ ايضا أن الرئيس الذي يريد بالفعل ايجاد حل للصراع يفضل أن يبدأ في مرحلة مبكرة، كما أثبتت الفرصة الضائعة لكلينتون مع حافظ الاسد وياسر عرفات في نهاية ولايته. دخول رئيس جديد في سنة اليوبيل للاحتلال من شأنه أن يكون الشرارة التي ستشعل «الانفجار» السياسي.
إن موعد حزيران 2017 هو أداة لزيادة الوعي الجماهيري حول وضع الاحتلال، الذي تحول بالتحديد في نظر الجيل الشاب الى حقيقة حياة لا يجب تغييرها. الفكرة التي تقول إن حل الدولتين غير قابل للتطبيق، هي السائدة. وقد تحدث عن ذلك توماس فريدمان في مقال له في «نيويورك تايمز» حيث كتب إن حل الدولتين مات وإن نتنياهو سيسجل في التاريخ كصاحب حل الدولة الواحدة.
لكن فحصا معمقا للمعطيات على الارض يظهر أن هذه الفكرة قائمة وقابلة للتطبيق اذا كان هناك قادة في الطرفين يريدان ذلك. حملة جماهيرية في البلاد والخارج تتصاعد في حزيران 2017 قد تشكل الرافعة لتطبيق افكار سياسية مختلفة توجد في برنامج العمل. مثلا صياغة قرار جديد في مجلس الامن يشكل بديلا أو اضافة لقرار 242 ويدمج داخله مبادرة السلام العربية والدعوة لاقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 مع تعديلات متفق عليها دون الدخول في المسائل المعقدة مثل موضوع القدس واللاجئين. فكرة اخرى هي عقد مؤتمر دولي في هذا التاريخ يشكل مقدمة للمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية المعتدلة.
أخشى من أنه إذا لم يتم تطبيق هذه الافكار فان اليأس وخيبة الأمل والاحباط للجيل الفلسطيني الشاب بسبب استمرار الاحتلال وبسبب القيادة الفلسطينية، التي لا تنجح في تقديم البضاعة، سيؤديان الى الانفجار الحقيقي. انفجار سينعكس بانتفاضة فلسطينية شعبية.
أسباب اندلاع الاحتجاج موجودة منذ زمن، لكن الشرارة التي ستشعل كل شيء لم تصل بعد. في العام 2017 يوجد الفتيل، ونأمل أن المجتمع والقيادة في اسرائيل يعتبران ذلك فرصة للاستكمال وليس التصعيد.
عن «هآرتس»